الحمد لله.
أولاً :
لا يجوز دفع المال فيما يسمى مسابقة جمال الكلاب أو مزايين الكلاب ؛ لأن السَبَق لا يدفع إلا فيما نص عليه الشارع من الإبل والخيل والسهام ، وما يلحق بها مما يعين على الجهاد في سبيل الله ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ ) رواه الترمذي (1700) والنسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجه (2878) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والسبق : العوض أو الجائزة .
والنصل : السهم . والخف : المقصود به الإبل . والحافر : الخيل .
وإقامة هذه المسابقة بدون رسوم ، نوع من اللهو والعبث ، واقتناء الكلاب لهذا الغرض حرام ، فإنه لا يجوز اقتناء الكلاب إلا فيما رخص فيه الشرع ، وبذلُ المال في تربية الكلاب وتزيينها وتجميلها سفه وتبذير .
روى البخاري (5481) ومسلم (1574) عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ ).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مما لا شك فيه أنه يحرم على الإنسان اقتناء الكلب إلا في الأمور التي نص الشرع على جواز اقتنائه فيها ، فإن من اقتنى كلباً - إلا كلب صيد أو ماشية أو حرث - انتقص من أجره كل يوم قيراط ، وإذا كان ينتقص من أجره قيراط فإنه يأثم بذلك ، لأن فوات الأجر كحصول الإثم ، كلاهما يدل على التحريم .
وبهذه المناسبة فإني أنصح كل أولئك المغرورين الذين اغتروا بما فعله الكفار من اقتناء الكلاب وهي خبيثة ، ونجاستها أعظم نجاسات الحيوانات ، فإن نجاسة الكلاب لا تطهر إلا بسبع غسلات إحداهن بالتراب . حتى الخنزير الذي نص الله في القرآن أنه محرم وأنه رجس فنجاسته لا تبلغ هذا الحد .
فالكلب نجس خبيث ولكن مع الأسف الشديد نجد أن بعض الناس اغتروا بالكفار الذين يألفون الخبائث فصاروا يقتنون هذه الكلاب بدون حاجة وبدون ضرورة . يقتنونها ويربونها وينظفونها مع أنها لا تنظف أبداً ، ولو نظفت بالبحر ما نظفت ، لأن نجاستها عينية ، ثم هم يخسرون أموالاً كثيرة فيضيعون بذلك أموالهم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال .
فأنصح هؤلاء المغترين أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يخرجوا الكلاب من بيوتهم ، أما من احتياج إليها لصيد أو حرث أو ماشية فإنه لا بأس بذلك لإذن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك " انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/447).
ثانياً :
أما المسابقة بين الكلاب ليعرف أيها أسرع ، فإن كانت بعوض (رسوم ) لم تجز ، لأنه لا يجوز دفع العوض إلا فيما نص عليه الشارع ، وما ألحق به ، كما سبق .
وهذه المسابقة لا يستفيد منها صاحب الكلب شيئا يعود على الدين أو الجهاد بفائدة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولكن هل يجوز المسابقة بالحيوان نفسه ، بمعنى أن يطلق الرجلان كلبيهما ويتسابقا على ذلك ؟ الظاهر أنه لا يجوز ؛ لأنه لا فعل من المتسابقين في هذه الحال " انتهى من "الشرح الممتع" (10/96).
وإن كانت بغير عوض ، فلا تجوز أيضا .
قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (6/168) : " ولا تجوز المسابقة على الكلاب , ومهارشة الديكة , ومناطحة الكباش بلا خلاف ، لا بعوض ولا غيره ; لأن فعل ذلك سفه " انتهى .
وبهذا يتبين أن المسابقة بين الكلاب لا تجوز ، ولو كانت بلا عوض ؛ لأنها سفه ، ولما فيها من تربية الكلاب واقتنائها لغير ما رخص فيه الشرع ، ولما فيها أيضا من التشبه بالكفار والأمم الضالة .
والمسلم مأمور بحفظ المال وعدم إضاعته ، فكيف ينفقه على تربية كلب ليكون أجمل أو أسرع من غيره من الكلاب ، مع نجاستها وحقارتها .
ومن أعطاه الله فضل مال فلينفق منه على عياله وأهله وعلى فقراء المسلمين وما أكثرهم ، وعلى المشاريع العلمية والدعوية التي فيها رفعة للإسلام ونفع للمسلمين ، وليعلم أنه مسئول غدا عن ماله : من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ فهل يليق به أن يقول : يارب أنفقته على تربية الكلاب واقتنائها والبحث عن جمالها وسرعتها .
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .
تعليق