الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

الأكل من مطاعم الوجبات السريعة في الغرب

100431

تاريخ النشر : 19-06-2007

المشاهدات : 52838

السؤال

سؤالي عن الأكل من مطاعم الوجبات السريعة ببريطانيا . لقد قرأت السؤال رقم (12776) والذي يشير إلى جواز أكل ذبائح أهل الكتاب إذا ما صعقت لشل حركتها وذكيت قبل موتها من الصعق . في الحقيقة وقع في يدي جريدة بريطانية تشرح عملية الذبح بالتفصيل تحت عنوان " كيف تصل اللحوم إلى مائدتكم " وجاء بها أن الأبقار تُرمى بإطلاقٍ ناري على بعد (15) سم ، على أن هذا لا يقتلها ، بل يشل حركتها ، ثم تعلق إلى المذبح ليتم قطع رأسها من أعلى العنق . هل يجوز أكل هذا النوع من الذبائح ؟ أو بمعنى آخر : هل يجوز الأكل من المطاعم الغربية إذا افترضنا أنها طريقتهم بالذبح ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
من أهم شروط تحقق الذكاة الشرعية شرطٌ يقوم في المذبوح ، وهو أن يكون الحيوان حيا وقت الذبح ، وللفقهاءِ تفصيلاتٌ وتقسيماتٌ كثيرة في بيانِ معنى كون الحيوان حيا وقت الذبح ، والتفريقِ بين ما قامت به بعض أسباب الهلاك الأخرى كالانخناق والتردي وبين ما لم يوجد سبب يحال عليه الهلاك ، إلا أن الذي يتجه من تلك التفصيلات ، إن شاء الله ، هو أن وجود أصل الحياة في الحيوان كاف لتحقق الذكاة الشرعية ، وعلامته إنهار دم الحياة ، ولا يشترط شيء زائد على ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (35/237) :
" والصحيح : أنه إذا كان حيا فذُكِّيَ حل أكلُه ، ولا يعتبر فى ذلك حركة مذبوح ، فإن حركات المذبوح لا تنضبط ، بل فيها ما يطول زمانه وتعظم حركته ، وقد قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا )
فمتى جرى الدم الذي يجري من المذبوح الذي ذبح وهو حي ، حل أكله .
والناس يفرقون بين دم ما كان حيا ودم ما كان ميتا ، فإن الميت يجمد دمه ويسود ، ولهذا حرم الله الميتة لاحتقان الرطوبات فيها ، فإذا جرى منها الدم الذى يخرج من المذبوح الذي ذبح وهو حي حل أكله وإن تيقن أنه يموت ، وقد أفتى غير واحد من الصحابة رضى الله عنهم بأنها إذا مصعت بذنبها ، أو طرفت بعينها ، أو ركضت برجلها بعد الذبح حلت ، ولم يشرطوا أن تكون حركتها قبل ذلك أكثر من حركة المذبوح ، وهذا قاله الصحابة لأن الحركة دليل على الحياة ، والدليل لا ينعكس ، فلا يلزم إذا لم يوجد هذا منها أن تكون ميتة ، بل قد تكون حية وإن لم يوجد منها مثل ذلك ، والإنسان قد يكون نائما فيذبح وهو نائم ولا يضطرب ، وكذلك المغمى عليه يذبح ولا يضطرب ، وكذلك الدابة قد تكون حية فتذبح ولا تضطرب لضعفها عن الحركة وإن كانت حية ، ولكن خروج الدم الذي لا يخرج إلا من مذبوح ، وليس هو دم الميت ، دليل على الحياة . والله أعلم " انتهى .
ثانيا :
وبناء على ذلك ، فما ذكرته – أخي السائل – من بعض المعلومات عن طريقة الذبح في مكان إقامتكم ، وأنهم يستعملون إطلاق العيار الناري لشل حركة الحيوان قبل الذبح ، وذلك إذا غلب على ظن من يقوم به أن إطلاق النار على هذا المحل من جسم الحيوان لا يؤدي إلى قتله ، إنما إلى إيقاف حركته فقط ، وأن الحياة لا زالت سارية فيه ، فلم تفارقه روحه ، ولا يخشى عليه من ذلك ، فمثل هذا إن ذبح بعدها الذبح الشرعي ، فإنه يحل أكله ، ولا بأس بإطلاق النار عليه ، تسهيلا لمهمة ذبحه .
وقد سبق في موقعنا بيان حكم الذبح بعد الصعق أو التخدير ، وننقل هنا لمزيد من البيان قرار "المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة" ، فقد جاء فيه :
" أولا : إذا صعق الحيوان المأكول بالتيار الكهربائي ، ثم بعد ذلك تم ذبحه أو نحره وفيه حياة فقد ذكي ذكاة شرعية ، وحل أكله ، لعموم قوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ) المائدة/3
ثانيا : إذا زهقت [ أي : خرجت ] روح الحيوان المصاب بالصعق الكهربائي قبل ذبحه أو نحره فإنه ميتة يحرم أكله ، لعموم قوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ )
ثالثا : صعق الحيوان بالتيار الكهربائي عالي الضغط هو تعذيب للحيوان قبل ذبحه أو نحره ، والإسلام ينهى عن هذا ويأمر بالرحمة والرأفة به ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) رواه مسلم .
رابعا : إذا كان التيار الكهربائي منخفض الضغط وخفيف المس ، بحيث لا يعذب الحيوان ، وكان في ذلك مصلحة كتخفيف ألم الذبح عنه وتهدئة عنقه ومقاومته فلا بأس بذلك شرعا مراعاة للمصلحة ، والله أعلم " انتهى . نقلا عن "فقه النوازل" (4/251) للدكتور الجيزاني.
وجاء في قرار "مجمع الفقه الإسلامي بجدة" رقم (94) :
" أ - الأصل في التذكية الشرعية أن تكون بدون تدويخ للحيوان ؛ لأن طريقة الذبح الإسلامية بشروطها وآدابها هي الأمثل ، رحمة بالحيوان ، وإحسانا لذبحته ، وتقليلا من معاناته .
ويُطلب من الجهات القائمة بالذبح أن تطور وسائل ذبحها بالنسبة للحيوانات الكبيرة الحجم ، بحيث تحقق الأصل في الذبح على الوجه الأكمل .
ب- مع مراعاة ( ذلك ) فإن الحيوانات التي تذكى بعد التدويخ ذكاة شرعية يحل أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها .
ج – لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة ، أو بالبلطة ، أو بالمطرقة ، ولا بالنفخ على الطريقة الإنجليزية " انتهى .
فالحاصل أنه يجوز الأكل مما ذبح بالطريقة التي وصفت ، ولا حرج على من أكل من تلك الذبائح .
ولمزيد فائدة يرجى مراجعة (10339) ، (14308) ، (20805)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب