الحمد لله.
أولا :
صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجل القادر إذا سمع النداء ، في أصح قولي العلماء ، كما هو مبين في جواب السؤال رقم (120) ورقم (8918) .
والخلاف في هذه المسألة بين أهل العلم مشهور معلوم ، وقد يكون هذا الخطيب معتمدا على القول الآخر في المسألة ، ولهذا ينبغي نصحه وبيان الصواب له ، بالحكمة والموعظة الحسنة. وصلاة الرجل بأهله لا يبرر له ترك الجماعة في المسجد التي هي من شعار أهل الإسلام ، وفيها من الأجر العظيم والثواب الكبير ما لا يليق بخطيب وداعية أن يتركه .
ثانيا :
رفع اليدين في الصلاة عند الركوع والرفع منه ، وبعد القيام من التشهد الأول ، كل ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم بأصح الأسانيد ، وهو مذهب جماعة لا تحصى من أهل العلم ، كالشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم ، بل هو رواية عن مالك عمل بها كثير من أصحابه .
وانظر أدلة ذلك في جواب السؤال رقم (21439)
فمن سخر من هذه السنة ، وشبَّهها بنش الذباب ، فهو على خطر عظيم ؛ لأنها سخرية من أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه . والله تعالى يقول : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65-66.
وأي فرق بين الرفع عند الركوع ، والرفع عند الإحرام بالصلاة ؟!
ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله وقد سئل عن معنى الرفع في هذا الموضع : " معناه : تعظيم لله ، واتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعنى الرفع في الأولى معنى الرفع الذي خالفتم فيه النبي صلى الله عليه وسلم عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع ، ثم خالفتم فيه روايتكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمر معا ، ويروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر رجلا أو أربعة عشر رجلا ، وروي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ، ومن تركه فقد ترك السنة " انتهى . نقله ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/288) وهو في "الأم" (7/266).
وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (1/209) : " وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفسا ، واتفق على روايتها العشرة ، ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة ، بل كان ذلك هديه دائما إلى أن فارق الدنيا " انتهى .
ثالثا :
بناء على ما سبق ، ينبغي نصح هذا الخطيب ، وتحذيره من السخرية بشيء من السنة ، فإن استجاب فالحمد لله ، وإن أصر على ذلك ، تُركت الصلاة خلفه ، وصليت الجمعة خلف غيره.
وأما ما أشرت إليه من أخطائه العقدية ، فأنت لم تبين هذه الأخطاء ليتم الحكم عليها .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق