الحمد لله.
تجب صلاة الجماعة في المسجد كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهمّ بأن يُحرق بيوت أقوام يتخلفون عن الصلاة معه لأجل تخلفهم ولم يعذرهم بإقامة الجماعة في بيوتهم مع وجود ذكور وإناث تقوم بهم الجماعة ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " حافظوا عليهن حيث يُنادى بهن " ولم يُرخص صلى الله عليه وسلم للأعمى أن يصلي جماعة في بيته بل أمره أن يأتي إلى المسجد ما دام يسمع النداء .
فصلاة الجماعة في المسجد إذاً واجبة ومأمور بها ، ولو كان يكفي إقامة الجماعة في أي مكان آخر لسمح للأعمى وغيره أن يقيموا الجماعة في بيتوهم مع أولادهم ونسائهم ، ولكنه عليه الصلاة والسلام لم يأذن بذلك .
فالواجب على الطلاب أن يعمدوا إلى بيوت الله ، والتي لها الفضل الخاص من أجر المشي ذهاباً وعودة ، وفضل الدخول والخروج وما فيهما من الذكر ، وغير ذلك من الفضائل ولا يتكاسلوا فيتركوا الاجتماع في المسجد ، قال تعالى : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال ) سورة النور ، ثم إن في الصلاة في المصليات تفريق لجماعة المسلمين المصلين ، وهذا خلاف ما أرادته الشريعة بجمع أهل الحي في مسجد واحد ، وجمع أهل الأحياء في جامع واحد مرة في الأسبوع ، وجمع أهل البلد كلهم في مصلى واحد في صلاة العيد ، وجمع المسلمين ذوي العدد العظيم من أقطار الأرض في الحج ، والاجتماع له فوائد كثيرة لا تخفى .
ومن الفروق بين المصلى والمسجد أن المسجد وقف إلى قيام الساعة ، وأما المصلى فيمكن تغيير مكانه أو بيعه وشراؤه وتوريثه وهكذا ، بخلاف المسجد الذي أوقف ليبقى مسجداً ما بقيت الدنيا ، ففيه فضل خاص زائد على المصليات ، وكذلك فإنه يشرع للمسجد تحية بخلاف باقي الأماكن .
فإذا وجد المسجد القريب وجب إتيان الصلاة ، وأما إذا كان المسجد بعيداً لا يُسمع آذان المؤذن من البعد فيجوز حينئذ الصلاة في المصليات .
وينبغي على الدعاة إلى الله أن يكونوا حكماء فيحثوا الطلاب على الصلاة في المسجد ولا يُنفرهم من صلاة الجماعة بالكلية فإن بعض الجهلة إذا رأى شدة بعض الدعاة عليه يترك الصلاة كلها ، فينبغي مراعاة ذلك والدعوة بالحسنى .
وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحيه وسلم .
تعليق