الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز استخدام مجسم الحصان لعب للأطفال ؟

103237

تاريخ النشر : 06-07-2010

المشاهدات : 49041

السؤال

أسأل عن مجسم الحصان الذي يباع في الأسواق ، هل يجوز استخدامه للأطفال في المنازل أم لا يجوز استخدامه ؟ وجزاكم الله كل خير ، ونفع بكم الإسلام والمسلمين

الجواب

الحمد لله.


حرَّمت الشريعة المطهرة رسم ذوات الأرواح ، ونقشها ، ونحتها ، وجعلت ذلك من كبائر الذنوب ، وقد سبق بيان ذلك بأدلة في جواب السؤال رقم : (7222) .
وقد استثنت الشريعة من ذلك التحريم لعب الأطفال ، وذلك لما يترتب على ذلك من مصلحة .

جاء في "الموسوعة الفقهية" :
"وقد اسْتَثْنَى أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَصِنَاعَةِ التَّمَاثِيلِ صِنَاعَةَ لُعَبِ الْبَنَاتِ . وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ . وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ، فَقَالَ : يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ تَصْوِيرِ مَا لَهُ ظِلٌّ ، وَمِنْ اتِّخَاذِهِ لُعَبَ الْبَنَاتِ ، لِمَا وَرَدَ مِنْ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ . وَهَذَا يَعْنِي جَوَازَهَا ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ تِمْثَالِ إنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ ، مُجَسَّمَةً أَوْ غَيْرَ مُجَسَّمَةٍ ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ أَمْ لا ، كَفَرَسٍ لَهُ جَنَاحَانِ . ..

وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (كُنْت أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي) . وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ : (قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ ، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ ، فَهَبَّتْ رِيحٌ ، فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ ؟ قَالَتْ : بَنَاتِي . وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهَا جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسَطَهُنَّ ؟ قَالَتْ : فَرَسٌ . قَالَ : وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ ؟ قَالَتْ : جَنَاحَانِ . فَقَالَ : فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ ؟ قَالَتْ : أَمَا سَمِعْت أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلا لَهَا أَجْنِحَةٌ ؟ قَالَتْ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْت نَوَاجِذَهُ) . وَقَدْ عَلَّلَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ هَذَا الاسْتِثْنَاءَ لِصِنَاعَةِ اللُّعَبِ بِالْحَاجَةِ إلَى تَدْرِيبِهِنَّ عَلَى أَمْرِ تَرْبِيَةِ الأَوْلادِ . وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ إنْسَانٍ ، وَلا يَظْهَرُ فِي أَمْرِ الْفَرَسِ الَّذِي لَهُ جَنَاحَانِ ، وَلِذَا عَلَّلَ الْحَلِيمِيُّ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ ، وَهَذَا نَصُّ كَلامِهِ ، قَالَ : لِلصَّبَايَا فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ : إحْدَاهُمَا عَاجِلَةٌ وَالأُخْرَى آجِلَةٌ . فَأَمَّا الْعَاجِلَةُ ، فَالاسْتِئْنَاسُ الَّذِي فِي الصِّبْيَانِ مِنْ مَعَادِنِ النُّشُوءِ وَالنُّمُوِّ . فَإِنَّ الصَّبِيَّ إنْ كَانَ أَنْعَمَ حَالا وَأَطْيَبَ نَفْسًا وَأَشْرَحَ صَدْرًا كَانَ أَقْوَى وَأَحْسَنَ نُمُوًّا ، وَذَلِكَ لأَنَّ السُّرُورَ يُبْسِطُ الْقَلْبَ ، وَفِي انْبِسَاطِهِ انْبِسَاطُ الرُّوحِ ، وَانْتِشَارُهُ فِي الْبَدَنِ ، وَقُوَّةُ أَثَرِهِ فِي الأَعْضَاءِ وَالْجَوَارِحِ . وَأَمَّا الآجِلَةُ فَإِنَّهُنَّ سَيَعْلَمْنَ مِنْ ذَلِكَ مُعَالَجَةَ الصِّبْيَانِ وَحُبَّهُمْ وَالشَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ ، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ طَبَائِعَهُنَّ ، حَتَّى إذَا كَبَرْنَ وَعَايَنَ لأَنْفُسِهِنَّ مَا كُنَّ تَسَرَّيْنَ بِهِ مِنْ الأَوْلادِ كُنَّ لَهُمْ بِالْحَقِّ كَمَا كُنَّ لِتِلْكَ الأَشْبَاهِ بِالْبَاطِلِ" انتهى .


وعلى هذا ، فلا حرج من شراء مجسم الحصان أو غيره من لعب الأطفال وانتفاع الأطفال به ، غير أنه يوجد في الأسواق بعض المجسمات تكون دقيقة الصنعة ، بحيث تشبه الحقيقة إلى حد كبير فهذه المجسمات من الأفضل اجتنابها .
وانظر فتوى الشيخ العثيمين في ذلك في جواب السؤال رقم : (23445) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب