الحمد لله.
إذا كان نظام الشركة يقضي بخصم مبلغ من المال في حال التأخر عن الدوام ، وكان إعفاؤك من هذا الخصم من جهة مدير شئون الموظفين ، لا مبرر له إلا القرار الشخصي منه ، بدون إذن إدارة الشركة ومسئوليها ، فيجب عليك رد هذا المال إلى الشركة لأنه حق لها ، إلا أن تعفو عنك الإدارة التي تملك ذلك .
وهذا هو الأصل في التوبة من الذنوب المتعلقة بحقوق العباد ، أن ترد الحقوق إلى أهلها ؛ لما روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ).
فالواجب عليك إيصال هذا المال ـ بعد الاجتهاد في تقديره ـ إلى الشركة أو أصحابها ، ولا يجب عليك أن تذكري لهم سبب ردك هذا المال ـ إن كان ذلك سيوقعك في حرج ، ويفتح عليك باب مساءلة ، ولكن المهم هو إيصال المال إليهم بأي طريقة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " … فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من جهة ما سرقةً : فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه وتقول إن عندي لكم كذا وكذا ، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه ، لكن قد يرى الإنسان أن هذا الأمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب - مثلاً - إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا وأخذت منك كذا وكذا ، ففي هذه الحال يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم - مثلاً - من طريق آخر غير مباشر مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له ، ويقول له هذه لفلان ويحكي قصته ويقول أنا الآن تبت إلى الله - عز وجل - فأرجو أن توصلها إليه .
وإذا فعل ذلك فإن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ) الطلاق/2 ، ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) الطلاق/4 .
انتهى من " فتاوى إسلاميَّة " (4/162) .
ونسأل الله لك مزيدا من التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق