الحمد لله.
الواجب أن تدفع ما عليك من إيجار الشقة لصاحبها ، ولا تجزئ الصدقة هنا ، لإمكان الوصول إلى صاحب الحق ، كما لا يجزئ دفعها لأبنائه ، بل يلزمك أن تسألهم عن عنوانه وأن توصل إليه ماله لتبرأ ذمتك ، ولا حرج أن تضعها تحت بابه بحيث يغلب على الظن أنه يجدها ويأخذها ؛ لأن المطلوب هو وصول المال إليه بأي طريقة كانت .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " … فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من جهةٍ ما سرقةً : فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه وتقول : إن عندي لكم كذا وكذا ، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه ، لكن قد يرى الإنسان أن هذا الأمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب - مثلاً - إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا وأخذت منك كذا وكذا ، ففي هذه الحال يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم - مثلاً - من طريق آخر غير مباشر مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له ، ويقول له هذه لفلان ويحكي قصته ويقول أنا الآن تبت إلى الله - عز وجل - فأرجو أن توصلها إليه .
وإذا فعل ذلك فإن الله يقول : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الطلاق/2 ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق/4 " انتهى من " فتاوى إسلاميَّة " (4/162) .
وينبغي أن تنصح إخوانك وتذكرهم بعظم شأن المال ، وأن الذنب المتعلق بحق الآخرين لا تكفي فيه التوبة ، بل يشترط رد الحق إلى أهله ؛ لما روى مسلم (2581) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه ذات يوم : ( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ . فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ).
فبادر بإرجاع المال لصاحبه ، ولا تتأخر في ذلك ، وإن كان البحث عن عنوانه يحتاج إلى وقت فاكتب وصية بالمبلغ ، فإن أحدا لا يدري متى يحين أجله .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
تعليق