الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

أهمية التحري في نقل ورواية الأحاديث

105958

تاريخ النشر : 14-10-2007

المشاهدات : 14130

السؤال

ذكرت لأحد الأصدقاء حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم وعندما تركته اكتشفت أني ذكرته بصيغة خاطئة كأن أقول مثلا : ( من قال لأخيه : يا كافر فقد كفر ) وكان ذلك بغير قصد مني ، فهل علي إثم في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الناقل لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يتحرى الدقة ، فينقل اللفظ كما هو ، أو ينقل المعنى نقلا صحيحا ، حتى لا ينسب للرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقله .
وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم من يبلغ حديثه كما هو ، فقال : ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ ، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ) رواه الترمذي (2657) وأبو داود (3660) وابن ماجه (230) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال ابن كثير رحمه الله في رواية الحديث بالمعنى : " وأما روايته الحديث بالمعنى: فإن كان الراوي غير عالم ولا عارف بما يحيل المعنى: فلا خلاف أنه لا تجوز له روايته الحديث بهذه الصفة.
وأما إذا كان عالماً بذلك ، بصيراً بالألفاظ ومدلولاتها ، وبالمترادف من الألفاظ ونحو ذلك : فقد جوز ذلك جمهور الناس سلفاً وخلفاً ، وعليه العمل ، كما هو المشاهد في الأحاديث الصحاح وغيرها ، فإن الواقعة تكون واحدة ، وتجيء بألفاظ متعددة ، من وجوه مختلفة متباينة .
ولما كان هذا قد يوقع في تغيير بعض الأحاديث، منع من الرواية بالمعنى طائفة آخرون من المحدثين والفقهاء الأصوليين، وشددوا في ذلك آكد التشديد. وكان ينبغي أن يكون هذا هو الواقع، ولكن لم يتفق ذلك. والله أعلم.
وقد كان ابن مسعود وأبو الدرداء وأنس رضي الله عنهم يقولون - إذا رووا الحديث - : " أو نحو هذا " ، أو " شبهه " ، " أو قريباً منه "" انتهى من "الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث" .
ثانيا :
قد أخطأت فيما نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يقل : ( من قال لأخيه : يا كافر فقد كفر ) وإنما بين صلى الله عليه وسلم أن من قال لأخيه يا كافر : إما أن يكون محقا فلا يلحقه شيء ، وإما أن لا يكون أخوه كذلك فيرجع الكفر عليه .
روى البخاري (6104) ومسلم (60) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ : يَا كَافِرُ ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) .
وعند أبي داود (4687) ( أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْفَرَ رَجُلًا مُسْلِمًا ، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا ، وَإِلَّا كَانَ هُوَ الْكَافِرُ) .
وروى البخاري (6045) ومسلم (61) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفُسُوقِ وَلَا يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ ) .
فينبغي أن تتحرى الدقة فيما تنسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ونرجو أن يعفو الله عنك في خطئك الذي لم تتعمده .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب