الحمد لله.
لا يجوز أن يولى الفاسق إمامة المسلمين في الصلاة ، وقد منع الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً أن يصلي بقومه لأنه بصق في اتجاه القبلة ، وقال له : (إنك آذيت الله ورسوله) رواه أبو داود (481) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
لكن إذا كان هذا هو الإمام الراتب ، وكان حاله ما ذكرت من كتابة التمائم ، فالصلاة خلفه محل تفصيل ، جاء بيانه في فتاوى اللجنة الدائمة ، حيث سئلت :
هل يجوز الصلاة خلف إمام يعقد التمائم للناس ؟
فأجابت : " تجوز الصلاة خلف الذي يكتب التمائم من القرآن والأدعية المشروعة ، ولا ينبغي له أن يكتبها ، لأنه لا يجوز تعليقها ، وأما إذا كانت التمائم تشتمل على أمور شركية فلا يصلى خلف الذي يكتبها ، ويجب أن يبين له أن هذا شرك" انتهى .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/65) .
ثانيا :
وأما كونه لا يحضر الجماعة في الفجر والعشاء ، أو يحلق لحيته ، أو يسبل ثوبه ، ويكره من يعفي لحيته ويقصر ثوبه ، فهذه ذنوب ومعاصٍ لا تمنع من الصلاة خلفه على الراجح .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (4/151) : " صَلاةُ ابْنِ عُمَرَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ
ثَابِتَةٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ , وَغَيْرُهُ فِي الصَّحِيحِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلاةِ وَرَاءَ الْفُسَّاقِ وَالأَئِمَّةِ الْجَائِرِينَ .
قَالَ أَصْحَابُنَا : الصَّلاةُ وَرَاءَ الْفَاسِقِ صَحِيحَةٌ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً ، لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ ، وَكَذَا تُكْرَهُ وَرَاءَ الْمُبْتَدِعِ الَّذِي لا يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ ، وَتَصِحُّ ، فَإِنْ كَفَرَ بِبِدْعَتِهِ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لا تَصِحُّ الصَّلاةُ وَرَاءَهُ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ ، فَإِنْ فَعَلَهَا صَحَّتْ " انتهى .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (23/375 ) : "الأَئِمَّة مُتَّفِقُونَ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا : فَقِيلَ لا تَصِحُّ ، كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا . وَقِيلَ : بَلْ تَصِحُّ ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالرِّوَايَةُ الأُخْرَى عَنْهُمَا ، وَلَمْ يَتَنَازَعُوا أَنَّهُ لا يَنْبَغِي تَوْلِيَتُهُ " انتهى .
وانظر : " الشرح الممتع " (4/304-308) ، وجواب السؤال رقم (46557) .
ثالثاً :
لأهل العلم تفصيل فيما يجب فعله مع الإمام الفاسق ، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما يلي :
"وعلى هذا ؛ إن كان إماما لمسجد ولم ينتصح وجب عزله إن تيسر ذلك ولم تحدث فتنة ، وإلا وجب الصلاة وراء غيره من أهل الصلاح على من تيسر له ذلك ، زجرا له وإنكارا عليه ، إن لم يترتب على ذلك فتنة .
وإن لم تتيسر الصلاة وراء غيره شرعت الصلاة وراءه ، تحقيقا لمصلحة الجماعة .
وإن خيف من الصلاة وراء غيره حدوث فتنة صُلي وراءه درءا للفتنة وارتكابا لأخف الضررين" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (7/370) .
والله أعلم .
تعليق