الحمد لله.
"لا شك أن عملهم هذا من حيث القواعد الفقهية جائز ، لكن عندي أن هؤلاء في الحقيقة إنما جاؤوا للنزهة ؛ لأنهم لم يتبعوا السنة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في منى ليلاً ونهاراً ، والحج جهاد ، وليس ترفهاً ، ولا أدري كيف يشعر هؤلاء بالعبادة والإنابة إلى الله ، وأنهم مستمرون في الحج وهم ينتقلون إلى البيت رفاهية ، وربما يكون عندهم آلات لهو ، ثم يرجعون إلى منى جزءاً من الوقت ، أنا لا أدري كيف يشعرون بأنهم في عبادة ، ولهذا ينبغي أن ينبه المسلمون على هذه المسألة التي انهمك فيها كثير من الناس ، أخذوا بقواعد الفقهاء ، أو بما يقتضيه كلام الفقهاء ، ونسوا أن المسألة عبادة ، لذا ينبغي للإنسان أن يفعلها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : (خذوا عني مناسككم) ، فنقول : ابق في خيمتك ولو كانت حارة ، ولو حصل عليك عرق ، ولو حصل عليك مشقة وأذية ، فهو في طاعة الله ، والمسألة أيام ، كل الحج لا يتجاوز ستة أيام ، الثامن ، والتاسع ، والعاشر ، والحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر لمن تأخر ، وأنت آتٍ من بلدك ، مغادر أهلك ، ومالك ، ومخاطر في الأسفار وتعجز عن أن تحبس نفسك ستة أيام ، أو خمسة أيام ، أو أقل من أربعة أيام ، فوالله يؤسفني هذا جداً ، ويؤلمني جداً ، وإن كان بعض الناس يفتي بما يقتضيه كلام الفقهاء ، فإنه سيتحول الحج بعدئذ إلى نزهة ، فنسأل الله لنا ولهم الهداية ، فأرى أن هؤلاء الذي مر ذكرهم في السؤال حجهم ناقص ولا شك ، لأنهم لم يتبعوا السنة في البقاء في منى ليلاً ونهاراً " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/248) .
تعليق