الحمد لله.
يحرم إقامة صالات الديسكو والعمل فيها ، كما يحرم بيع الخمر والكحول ، والمال الناتج عن ذلك مال خبيث محرم ؛ لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الخمر ملعون بائعها وشاربها وحاملها ، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (3674) وابن ماجه (3380) عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ ، وَشَارِبَهَا ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَمُبْتَاعَهَا ، وَعَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ورواه الترمذي (1295) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً : عَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَشَارِبَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا ، وَالْمُشْتَرِي لَهَا ، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ ).
والواجب على من وقع في شيء من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ، فيقلع عن الذنب ، ويندم على ما فات ، ويعزم على عدم العود إليه أبدا . وأما المال الذي جناه من الحرام ، فما أكله وأنفقه فلا يلزمه فيه شيء ، وما بقي في يده لزمه التخلص منه على الراجح من أقوال العلماء ، فينفقه على الفقراء والمساكين وفي أوجه البر والخير .
وإذا كان محتاجاً إلى المال فله أن يأخذ من هذا المال ما يكفيه ثم يتخلص من الباقي ، ولا حرج عليه إذا أخذ من هذا المال ما يكون له رأسمال لتجارة أو عمل مباح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فإن تابت هذه البغيّ وهذا الخمَّار ، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم ، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسيج والغزل ، أعطي ما يكون له رأس مال" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/308).
ونحمد الله تعالى أن وفق أخاك للتفكير في التوبة ونسأله سبحانه أن يتقبلها منه ، وأن يعفو ويصفح عنه .
ويجب التنبه إلى أن الواجب هو التخلص من المال الحرام فقط ، وليس من كل المال الذي اكتسبه أخوك ، فالمطعمان ، لا شك يقدمان مطعومات حلالاً ، وأخرى محرمة كالخمر ، فالواجب عليه أن يقدر الأرباح التي جناها من الأشياء المحرمة ويتخلص منها ، أما الأرباح الناتجة من بيع مطعومات حلال ، فإنها حلال له ، ولا حرج عليه من الانتفاع بها ، ولا يلزمه التخلص منها .
وأما أسئلتك فجوابها كما يلي :
أولا :
المال الذي أخذته الأم وغيرها ، وانتفعوا به ، لا شيء عليهم فيه ، وكذلك ما بقي في أيديهم منه ، فلهم الانتفاع به ، والقاعدة في ذلك : أن المال المحرم لكسبه حرام على كاسبه فقط ، وأما من أخذه منه بوجه مباح كالهدية والنفقة على أهله ، ونحوها ، فمباح له . فلا حرج على أهلك فيما أخذوه من هذا المال .
وكذلك لا حرج على من اقترض منه ، لأن الإثم يتعلق بمن اكتسب المال بطريق محرم فقط ، وليس على من اقترض منه شيء من الإثم .
ثانيا :
مشاركة من في ماله شيء من الحرام صحيحة ، وإن كان الأولى عدم ذلك ، والربح الناتج من هذا المشروع حلال إن شاء الله ، وعلى أخيك أن يتخلص من المال الحرام كما سبق .
ثالثا :
من أوجه التخلص من المال الحرام ، أن يعطى للفقير المحتاج للزواج ، أو المسكن ، أو من يقيم مشروعا ينفق منه على نفسه ، ونحو ذلك ، ويجوز أن يجعل هذا المال في صندوق يُقرَض منه المحتاجون ، لكن لا يعود المال لأخيك ولا يتملكه ، لوجوب أن يتخلص منه كما سبق .
رابعاً :
ما بذله أخوك للفقراء من نفقات ومعاشات ، أمر محمود ، وله من الثواب بمقدار المال الحلال في هذه النفقات ، ولعل هذه الأعمال كانت سببا لهدايته ، وتحصيل دعوة صادقة من أولئك المحتاجين ، وله أن يخصص جزءا من ماله الذي سيتخلص منه لهؤلاء الفقراء ، وهو مثاب على هذا التخلص .
نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد والثبات .
والله أعلم .
تعليق