الحمد لله.
إذا كانت السلع لا يزيد سعرها عن مثيلاتها في المحلات الأخرى ، واشتراها المشتري لحاجته إليها ، ولم يشترها من أجل الدخول في السحب أو اللعبة للحصول على الهدية ، فلا حرج حينئذ ، على الراجح من قولي العلماء .
وقد سبق بيان اختلاف العلماء في هذه المسألة في جواب السؤال رقم (22862) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عندنا في دولة الكويت أنواع من البيوع منتشرة الآن ، يقوم التاجر بعرض بضاعته ، ويوزع كوبونات على المشترين بحسب قيمة شراء كل واحد ، وهذه الكوبونات تدخل في سحب الجوائز ، ثم تعمل بعد ذلك قرعة ويفوز بعض الناس بجوائز يوزعها عليهم هذا التاجر ، فما حكم ذلك ، جزاكم الله خيراً ؟ .
فأجاب :
" هذا نوع من البيع نخاطب به البائع والمشتري ، فنقول للبائع : هل أنت ترفع سعر السلعة من أجل هذه الجائزة أم لا ؟ فإن كنت ترفع السعر : فإنه لا يجوز ؛ لأنه إذا رفع السعر واشترى الناس منه : صاروا إما غارمين وإما غانمين ، إما رابحين وإما خاسرين ، فإذا كانت هذه السلعة في السوق – مثلاً - قيمتها عشرة فجعلها باثني عشر من أجل الجائزة : فهذا لا يجوز ؛ لأن المشتري باثني عشر إما أن يخسر الزائد على العشرة ، وإما أن يربح أضعافاً مضاعفة بالجائزة ، فيكون هذا من باب الميسر والقمار المحرم .
فإذا قال البائع : أنا أبيع بسعر الناس ، لا أزيد ولا أنقص : فله أن يضع تلك الجوائز ، تشجيعاً للناس على الشراء منه .
ثم نتجه إلى المشتري فنقول له : هل اشتريت هذه السلعة لحاجتك إليها ، وأنك كنت ستشتريها سواء كانت هناك جائزة أم لا ، أم أنك اشتريتها من أجل الجائزة فقط ؟ فإن قال : الأول : قلنا : لا بأس أن تشتري من هذا أو من هذا ؛ لأن السعر ما دام أنه كسعر السوق ، وأنت ستشتري هذه السلعة لحاجتك : فحينئذ تكون إما غانماً أو سالماً ، ففي هذه الحالة لا بأس أن تشتري من صاحب الجوائز .
وأما إذا قال : أنا أشتري ، ولا أريد السلعة ، وإنما أشتري لأجل أن أحصل على الجائزة : قلنا : هذا من إضاعة المال ؛ لأنك لا تدري أتصيب الجائزة أم لا تصيبها .
وقد بلغني أن بعض الناس يشتري علب اللبن ، وهو لا يريدها ، يشتريها ويريقها لعله يحصل على الجائزة ، فهذا يكون من إضاعة المال ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال .
بقي شيء ثالث : إذا قال قائل : هذه المعاملة ربما تضر بالبائعين الآخرين ؛ لأن هذا البائع إذا جعل جوائز للمشترين ، وكان سعره كسعر السوق : اتجه جميع الناس إليه ، وكسدت السلع عند التجار الآخرين ، فيكون في هذا ضرر على الآخرين ، فنقول : هذا يرجع إلى الدولة ، فيجب عليها أن تتدخل ، فإذا رأت أن هذا الأمر يوجب اضطراب السوق : فإنها تمنعه إذا رأت أن المصلحة في منعه ، أو إذا رأت أنه من التلاعب في الأسواق ، والتلاعب في الأسواق يجب على ولي الأمر أن يمنعه منها " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" ( 49 / السؤال رقم 5 ) .
ولا فرق بين أن تكون الجوائز لمن يفوز في السحب ، أو لكل مشتر ، وهي متساوية ، أو متفاوتة ويحصل التمييز بينها بالقرعة أو باللعبة التي ذكرت ، فكل هذا جائز بالشرطين السابقين .
والله أعلم .
تعليق