الحمد لله.
أولا :
نحمد الله أن وفقك للصواب ، وامتنعت عن أخذ القرض الربوي ؛ لما لا يخفى من حرمة الربا ، وسوء عاقبته ، ولا يعد ذلك عصيانا أو عقوقا ؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخلق ، بل عدم إعانة الأب على ما يريد من الحرام ، هو بر وإحسان إليه .
ثانيا :
الواجب على أبيك أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم ، ولا حرج عليه في الاستمرار في سداد ما أخذه ، مع التوبة ، وإن استطاع أن يتخلص من الفائدة الربوية ، ولو بالحيلة ، من غير مضرة ، فليفعل .
ولا حرج عليه في الانتفاع بسكنى البيت ، لأنه مبني بمال ملكه ملكا صحيحا ، وعليه إثم الربا.
ولا حرج على أبنائه في السكنى أيضا .
ثالثا :
للأب أن يبيع هذا البيت أو يؤجره أو يهبه ، لك أو لغيرك ، فإن رغب في بيعه لك بأقساط شهرية ، فلا حرج في ذلك .
والمقصود أن من اقترض بالربا ، وقع في الحرام العظيم ، لكنه يملك المال ، ويجوز له الانتفاع به في أصح قولي العلماء . وينظر : "المنفعة في القرض" لعبد الله بن محمد العمراني، ص 245- 254
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن رجل اقترض قرضاً ربوياً وبنى بيتاً ، فهل يهدم البيت أم ماذا يفعل ؟ فأجابت :
" إذا كان الواقع كما ذكرت ، فما حصل منك من القرض بهذه الكيفية حرام ، لأنه ربا وعليك التوبة والاستغفار من ذلك ، والندم على ما وقع منك ، والعزم على عدم العودة إلى مثله ، أما المنزل الذي بنيته فلا تهدمه ، بل انتفع به بالسكنى أو غيرها ، ونرجو أن يغفر الله لك ما فرط منك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/411) .
لكن الذي نلفت نظرك إليه هنا أن تتلطف في نصح والدك ووعظه ، وأن تبين له خطورة الجرأة على حدود الله ، وانتهاك حرماته ، والتهاون بمثل هذه الكلمة : الذنب علي ؛ فإن هذا يدل على جهالة بخطر المعصية ، وجرأة على مقام من عصيته سبحانه : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63
نسأل الله أن يتجاوز عن والدك ، وأن يغنيكم بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه .
والله أعلم .
تعليق