الحمد لله.
ذهب جمهور الفقهاء إلى تحديد السفر بالمسافة ، وذهب بعض أهل العلم إلى أن المرجع في ذلك هو العرف ، فما عدّه الناس سفرا فهو سفر ، وما لم يعدوه في عرفهم سفرا فليس بسفر .
وتقدّر المسافة على قول الجمهور بثمانين كيلو مترا تقريبا .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/99): " السفر الذي يشرع فيه الترخيص برخص السفر هو ما اعتبر سفراً عرفاً ، ومقداره على سبيل التقريب مسافة ثمانين كيلو متراً ، فمن سافر لقطع هذه المسافة فأكثر فله أن يترخص برخص السفر من المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن ، والجمع والقصر، والفطر في رمضان " انتهى .
وعلى هذا فلكم أن تجمعوا بين الظهر والعصر ، وأن تقصروا الظهر ، وكذلك العصر إذا صليتموها في رابغ أو في طريق عودتكم إلى جدة قبل دخولها .
والموظف الذي له سكن خاص لكنه لا يقيم فيه ، ولا يأتيه إلا للضرورة ، هو في حكم المسافر أيضا ، فله أن يترخص برخص السفر .
والجمع للمسافر ليس واجبا ، ولكنه رخصة ، إن شاء جمع ، وإن شاء صلى كل صلاة في وقتها .
هذا كله على تقدير السفر بالمسافة ، وأما على العرف ، فعرف كثير من الناس اليوم أن هذا ليس سفرا ، ولهذا أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حق الموظف الذي يذهب يوميا نحوا من 150 كيلو أن الأحوط في حقه أن يتم الصلاة .
فقد سئل رحمه الله : نحن جماعة من المدرسين تبعد المدرسة ما يزيد على مائة وخمسين كيلو عن البلدة التي نسكن فيها ، ونحن نتردد يومياً إلى المدرسة ، وقد اختلفنا في حكم القصر والجمع بالنسبة لصلاة الظهر والعصر، فهل يحق لنا في هذه المسافة القصر والجمع ونحن نتردد يومياً إلى المدرسة أم لا؟
فأجاب : " الاحتياط ألا يقصروا ولا يجمعوا ؛ لأن مثل هذا لا يعد عند الناس سفراً ، وإن كان سفراً عند بعض العلماء ، فالذي أرى لهم : ألا يجمعوا ولا يقصروا . إلا لو فرض أنهم إذا وصلوا إلى أهليهم متعبين ويخشون إن ناموا ألا يقوموا إلا عند الغروب ، أو يخشون إن بقوا حتى يؤذن العصر أن يصلوا العصر وهم في شدة النعاس ، فهنا نقول : اجمعوا ؛ لأن الجمع أوسع من القصر ، لا حرج أن يجمعوا ، وإذا وصلوا إلى بلدهم ينامون إلى الغروب ، أما القصر فأرى أن الاحتياط ألا يقصروا ؛ لأن هذا لا يسمى سفراً في عرف الناس الآن " انتهى من "اللقاء الشهري" (60/11).
وعلى هذا ، فالأحوط لكم عدم قصر الصلاة .
أما الجمع ، فلكم الجمع إذا كان هناك مشقة في أداء كل صلاة في وقتها .
والله أعلم .
تعليق