الحمد لله.
أولا :
لا يجوز ولا يصح تأجير الدار لمن يتخذها محلا للمعصية كصالة للرقص ، أو دارٍ للخنا ، ونحو ذلك مما هو معصية لله تعالى ؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة /2 .
وهذا بخلاف ما لو أجرها الإنسان لشيء مباح ، كالسكنى ، ثم صار هذا المستأجر يرتكب فيها المعصية ، فالإجارة صحيحة ، والإثم على مقترف المعصية ، ولكن إذا كانت المعصية ظاهرة ، فينبغي نصحه ، وتهديده بعدم تجديد العقد له .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " تأجير المحلات والمستودعات لمن يبيع فيها أو يودع الأشياء المحرمة حرام ؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، الذي نهى الله تعالى عنه في قوله: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .
وكذلك تأجير المحلات لمن يحلقون اللحى ؛ لأن حلق اللحى حرام ، ففي تأجير المحلات له إعانة على المحرم وتسهيل لطريقه . وكذلك تأجير الأحواش والمنازل لمن يجتمعون فيها على فعل المحرم أو ترك الواجب ، وأما تأجير البيوت للسكنى إذا فعل الساكن فيها معصية أو ترك واجبا فلا بأس به ؛ لأن المؤجر لم يؤجرها لهذه المعصية أو ترك الواجب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى) انتهى نقلا عن "فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 666) .
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ أيضاً ـ رحمه الله مبينا الفرق بين ما يُستأجر للمعصية ، وما يُستأجر لغرض مباح كالسكنى ثم تفعل فيه المعصية :
"لو استأجر من شخص داره ليقيم فيها شعائر النصارى ، فَجَعَلها كنيسةً فالإجارة حرام ؛ لقوله تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة/2 ، ومثل ذلك لو استأجرها لبيع الخمر أو الدخان أو القنوات الفضائية ... ولو أنه أجر شخصا بيتا ثم وضع فيه القنوات الفضائية ، وصار يأتي بكل قناة فاسدة ، فحكمه أنه إذا كان قد استأجر البيت لهذا الغرض فالإجارة محرمة وفاسدة ، وإن استأجره للسكنى ثم وضع هذا فيه فلا بأس ، ولكن إذا تم العقد أي إذا تمت مدة الإجارة يقول لهذا المستأجر : إما أن تُخرج هذه الآلة القنوات الفضائية وإما ألا أجدد لك العقد . وأما ما تم عليه العقد من قبل فإنه يجب إتمامه لقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) المائدة/1" انتهى من "الشرح الممتع" (10/19).
ثانيا :
ينبغي إحسان الظن بالمسلم ، وعدم تتبع عوراته ، فما دمت قد نصحته وبَيَّنَت له ، وأخبرك أنه لا يرى فيه تلك المحرمات ، فلا ينبغي لك التفتيش عن باطن أمره ، والتجسس عليه ، بل يوكل أمره إلى الله تعالى ، فإن فعل محرماً كان إثم ذلك عليه وحده .
والله أعلم .
تعليق