الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

إذا كان الجاهل معذورا فهل يترك على جهله؟

118144

تاريخ النشر : 30-05-2008

المشاهدات : 16035

السؤال

قرأت السؤال رقم 111362 الذي يوضح قول الشيخ ابن عثيمين في العذر بالجهل ، وعليه، فهل إقامة الحجة بالعلم على الناس غير جائز بحيث يتركون لجهلهم أفضل حتى لا تقوم عليهم الحجة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
العذر بالجهل من المسائل الاجتهادية التي حصل فيها نزاع بين العلماء ، فمنهم من يطلق القول بعذر الجاهل ، ومنهم من يقيد ذلك ببعض المسائل ، وتفصيل ذلك لا يتسع له الجواب .
ثانيا :
ليس هناك أحد من أهل العلم القائلين بعذر الجاهل ، يرى أن يترك الجاهل دون دعوة أو تعليم، وذلك لتظاهر الأدلة على وجوب نشر الدين ، وتعليم الجاهلين ، وإقامة الحجة على المكلفين ، قال تعالى : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) الأنعام/19، وقال سبحانه : ( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة/122 ، وقال : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل/125 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً ) رواه البخاري (3461).
وأرسل النبي صلى الله عليه أصحابه معلمين ومبشرين ومنذرين ، ولو كان ترك الناس لجهلهم سائغا ، لما بعثت الرسل ، ولا أنزلت الكتب ، ولا كلف الدعاة .
فليس لأحد أن يتوهم أن ترك الجهال على جهلهم جائز ، فإن هذا لا يقوله عاقل فضلا عن عالم ، وكون الله تعالى قد يعذر الجاهل الذي لم يفرط ، لا يعني أن يترك العالم ما أُمر به من التبليغ والبيان .
قال الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) آل عمران/187.
وينبغي أن يعلم أن الجاهل إذا وجد من يعلمه ، فقصر وفرط ، كان آثما لتركه تعلم ما يجب عليه ، ولم يكن معذوراًً ، سواء كان ذلك في أمر العقيدة ، أو العبادة ، أو المعاملة ، ولهذا ذم الله تعالى أهل الغفلة الذين يعلمون أمر دنياهم ، ويجهلون أمر دينهم ، فقال : ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم/7 ، وذم المقلدين الذين يتركون ما جاءهم من العلم والهدى ، ويقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب