الحمد لله.
عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها ؛ لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) البقرة/234 .
وهذه المدة تبدأ من وفاة الزوج ، وتنتهي بنهاية المدة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/93) : " أجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشر , مدخولا بها , أو غير مدخول بها , سواء كانت كبيرة بالغة أو صغيرة لم تبلغ ; وذلك لقوله تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث , إلا على زوج , أربعة أشهر وعشرا ) متفق عليه " انتهى .
وتحسب بالشهور القمرية العربية ، لا بالأيام ، في قول جمهور الفقهاء ، سواء كان الشهر كاملا أو ناقصا ، فإذا أتمت أربعة أشهر ، زادت عليها عشرة أيام من الشهر الخامس ، وبهذا تنتهي عدتها .
هذا إن كانت الوفاة في أول الشهر ، وأما إن كانت في أثنائه ، فإنها تعتد بقية الشهر الأول ، وثلاثة شهور بالأهلة – كاملة أو ناقصة- , وعشرة أيام ، وما فاتها من الشهر الأول لها في حسابه طريقتان لأهل العلم :
الأولى : أن يحسب ثلاثين يوما ، سواء كان الشهر تاما أم ناقصا .
الثانية : أن تعتد من الشهر الخامس بقدر ما فاتها من الأول ، فإن كان تاما أتمته ثلاثين يوما ، وإن كان ناقصا أتمته تسعة وعشرين .
وينظر : المغني (8/85) ، كشاف القناع (5/418)، الموسوعة الفقهية (29/315).
وقد اختار القول الثاني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ورجحه من علمائنا المعاصرين الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
فقد ذكر الشيخ ابن عثيمين فيمن صام شهرين متتابعين ابتداء من يوم 15 جمادى الأولى ، وكان كل من جمادى الأولى والآخرة تسعة وعشرين يوما ، أنه ينتهي صيامه بصوم اليوم الخامس عشر من رجب ، على القول بأنه يتم الشهر الأول ثلاثين يوما .
وعلى القول الراجح يعتبر الشهرين بالهلال ، فينتهي صومه بصوم اليوم الرابع عشر من رجب .
"الشرح الممتع" (6/413، 414) .
وكذلك ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه " لا حاجة إلى أن نقول بالعدد ، بل ننظر اليوم الذي هو المبدأ من الشهر الأول ، فتكون النهاية مثله من الشهر الآخر" انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/144) .
مثال ذلك في عدة الوفاة : لو توفي الرجل في يوم 12 من محرم ، فتعتد امرأته إلى 12 جمادى الأولى ، فهذه أربعة أشهر ، سواء كانت كاملة أم ناقصة ، ثم تزيد عشرة أيام ، فتنتهي عدتها يوم 22 جمادى الأولى في الساعة التي مات فيها زوجها .
وعلى هذا ، فليس على أمك إلا أن تزيد عشرة أيام فقط ، وليس عليها أن تكمل الأشهر الناقصة ثلاثين يوما .
وما قلناه هنا في عدة الوفاة ينطبق على من صام شهرين متتابعين ، وينطبق أيضا على عدة الطلاق إذا حسبت بالشهور ، وذلك في حال كون المطلقة صغيرة أو يائسة لا تحيض .
والله أعلم .
تعليق