الحمد لله.
تنقسم العلوم إلى ثلاثة أقسام :
علوم نافعة ، وعلوم ضارة ، وعلوم يمكن استعمالها فيما يفيد ، ويمكن استعمالها فيما يضر .
فالعلوم النافعة كعلوم الشريعة ، والطب ، والزراعة والصناعات والحرف التي ينتفع بها الناس في دنياهم .
فهذه العلوم لا إشكال في جواز تعليمها للناس ، بل قد يكون ذلك واجباً في بعض الحالات .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (13/16) :
"لا خلاف بين الفقهاء في جواز الاستئجار على تعليم الحِرَف ، والصناعات المباحة التي تتعلق بها المصالح الدنيوية ، كخياطة ، وحدادة ، وبناء ، وزرع ، ونسيج ، ونحو ذلك" انتهى.
والعلوم الضارة : كعلوم السحر ، والموسيقى والرقص ونحت وصناعة التماثيل ، فهذه علوم محرمة ، يحرم تعلمها وتعليمها .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
وأما السحر : فتعلمه وتعليمه والعمل به كفر بالله عز وجل يخرج من الملة ؛ لقوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) ... .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة" المجموعة الثانية (1/48) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (13/17 ، 18) :
"لا يجوز تعليم علوم محرمة ، كالكهانة ، والتنجيم ، والضرب بالرمل ، وبالشعير ، وبالحمص ، والشعبذة ، والسحر ....
فتعليم كل ذلك : محرَّم ، وأخذ العوض عليها حرام ، بنص الحديث الصحيح في النهي عن (حلوان الكاهن) ، والباقي في معناه .
هذا ، وليس من المنهي عنه تعليم وتعلم علم النجوم ليستدل به على مواقيت الصلاة ، والقبلة ، واختلاف المطالع ، ونحو ذلك" انتهى .
والقسم الثالث من العلوم ، وهو الذي يمكن استعماله والاستفادة منه في أشياء مباحة أو مفيدة ، ويمكن استعماله في أشياء محرمة تضر الناس ، فله أمثلة كثيرة ، كصناعة الأسلحة ، وتعلم فنون القتال ، فهذا القسم من العلوم ، لا يجوز تعليمه لمن علمنا أو غلب على ظننا أنه سيستعمله استعمالاً محرماً يضر الناس ، ولا مانع من أن يُشترط على المتعلم أنه لا يستعمله فيما حرم الله .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"أما العلوم الأخرى التي تتعلق بالدنيا فهي من العلوم المباحة ، التي إن اتخذها الإنسان وسيلة إلى خير : كانت خيراً ، وإن اتخذها وسيلة إلى شر : كانت شرّاً ، فهي لا تُحمد لذاتها ، ولا تُذم لذاتها ، بل هي بحسب ما توصل إليه .
وهناك علوم أخرى ، علوم ضارة ، إما في العقيدة ، وإما في الأخلاق ، وإما في السلوك ، فهذه محرمة ، وممنوعة بكل حال .
فالعلوم ثلاثة أقسام : محمودة بكل حال ، ومذمومة بكل حال ، ومباحة ، يتعلق الذم فيها ، أو المدح بحسب ما تكون وسيلة له" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (شريط 158 ، وجه أ) .
وتعلم اختراق المواقع والبريد الإلكتروني يدخل في هذا القسم الثالث ، لأنه يمكن استعماله استعمالاً محرماً ، وهو الاعتداء على أصحاب المواقع ، وإفساد عملهم ، وكذلك التجسس على الناس ومعرفة خصوصياتهم عن طريق اقتحام البريد الإلكتروني الخاص بهم ، وقد يكون ذلك مباحاً إذا تعلق الأمر بمفسدين ، أو كفار محاربين للإسلام والمسلمين .
قال الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله السند حفظه الله :
"واستثناءً من ذلك فقد يكون التجسس مشروعاً في أحوال معينة كالتجسس على المجرمين ، فقد لا يعرفون إلا بطريق التجسس ، وقد أجاز الفقهاء التجسس على اللصوص وقطاع الطريق ، وطلبهم بطريق التجسس عليهم وتتبع أخبارهم - انظر "تبصرة الحكام" لابن فرحون (2/171) - ، وكذلك يجوز التجسس في حال الحرب بين المسلمين وغيرهم لمعرفة أخبار جيش الكفار وعددهم وعتادهم ومحل إقامتهم وما إلى ذلك .
وكذلك يجوز اختراق البريد الإلكتروني للمجرمين المفسدين في الأرض واللصوص وقطاع الطريق ، لتتبعهم ، ومعرفة خططهم وأماكن وجودهم ، لقطع شرهم ودفع ضررهم عن المسلمين ، وهذا موافق لمقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت بحفظ الدين والعرض والمال والنفس والعقل" انتهى باختصار .
"وسائل الإرهاب الإلكتروني ، حكمها في الإسلام ، وطرق مكافحتها" (ص 10 - 12) .
وعلى هذا ، فمن عُلم أو غلب على الظن أن سيستعمل هذا العلم في أشياء محرمة ، فلا يجوز تعليمه .
والله أعلم
تعليق