الحمد لله.
لا يجوز إعطاء المندوب شيئا من المال ، أو الهدايا له ؛ لدخول ذلك في الرشوة ، وهدايا العمال المحرمة ، لأنه موظف في مؤسسته ، وشراء البضاعة جزء من عمله الذي يتقاضى راتبا عليه ، وهو وكيل عن مؤسسته فيما يشتريه ، فكل ربح أو تخفيض يأتيه ، يرجع إلى مؤسسه ، ولا يحل له أن يأخذ منه شيئا .
روى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( هدايا العمال غلول ) أي خيانة . والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 7021 .
و(العمال) هم الموظفون ، فكل هدية تعطى للموظف بسبب وظيفته فهي خيانة محرمة .
وروى البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ : هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ، فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ : أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا ) .
والرغاء : صوت البعير ، والخُوار : صوت البقرة ، واليُعار : صوت الشاة .
فيقال هنا : لو جلس هذا المندوب في بيته ، ما أهديته ولا أعطيته شيئا ، وإنما تعطيه لأجل أن يشتري منك لمؤسسته ، وهذا قد يحمل الموظف على خيانة الأمانة ، فيشتري ممن يعطيه ويمنحه ، وإن كان ما عند غيره أفضل وأصلح ، ولهذا سد الشرع هذا الباب ، فلا يهدى للعامل ، ولا يعطى شيئا له.
ومما يؤسف له انتشار هذه الرشاوى في هذه الأزمنة ، وتوسع الناس في صورها ، حتى انضاف إليها الغش والكذب ، وأصبح البائع يكتب للمندوب سعرا كاذبا ، وفاتورة زائفة ، ليعينه على خيانة الأمانة وكسب الحرام ، ليعتاد الشراء منه ، فالواجب الحذر من عامة الصور التي تدخل في الرشوة وهدايا العمال المحرمة .
والله أعلم .
تعليق