الحمد لله.
إذا ثبت ذلك ولم يكن مجرد سوء ظن ، فلا حرج على زوجها أن يضيق عليها ، حتى تفتدي نفسها منه ، فتدفع له المهر الذي كان أعطاها ، والمصروفات التي تكلفها من أجل الزواج بها ، وتتنازل عما بقي من حقوقها كمؤخر الصداق إن كان هناك مؤخر ، ثم يطلقها .
قال الله تعالى : (وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) النساء/19 .
قال السعدي رحمه الله (ص 72) :
"وإذا أتين بفاحشة مبينة كالزنا والكلام الفاحش وأذيتها لزوجها ، فإنه في هذه الحال يجوز له أن يعضلها، عقوبةً لها على فعلها لتفتدي منه إذا كان عضلا بالعدل" انتهى .
وقال ابن كثير رحمه الله :
"وقوله: (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ) أي: لا تُضارّوهن في العِشرة لتترك لك ما أصدقتها أو بعضه أو حقًا من حقوقها عليك، أو شيئًا من ذلك على وجه القهر لها والاضطهاد.
وقوله: (إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما : يعني بذلك الزنا، يعني: إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها وتُضَاجرهَا حتى تتركه لك وتخالعها .
وقال ابن عباس أيضاً : الفاحشة المبينة: النُّشوز والعِصْيان.
واختار ابن جرير أنَّه يَعُم ذلك كلَّه: الزنا، والعصيان، والنشوز، وبَذاء اللسان، وغير ذلك.
يعني: أن هذا كله يُبيح مضاجرتها حتى تُبْرئه من حقها أو بعضه ويفارقها، وهذا جيد، والله أعلم" انتهى باختصار .
"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (1/608) .
ولا حرج عليك أن تأخذ المهر أو أكثر منه أو أقل ، لعموم قول الله تعالى : (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) البقرة/229.
فقوله تعالى : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) يدل على صحة الخلع بالقليل والكثير .
وهذا ما قال به أئمة الفقه الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) .
وانظر : "المغني" (10/269) .
والله أعلم .
تعليق