الحمد لله.
أولاً :
لا تصح الصلاة في الثوب النجس ، والمصلي يقدر على الصلاة في ثوب طاهر ، لقول الله تعالى : (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) المدثر/4 .
ولأن امرأة جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ ؟ قَالَ : (تَحُتُّهُ ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ [أي تغسله] ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ) رواه البخاري (227) ومسلم (291). فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بتطهير الثوب من دم الحيض قبل الصلاة فيه .
ثانياً :
إذا تنجس الثوب ولم يكن عنده ثوب غيره يصلي فيه ، فلا يخلو من ثلاث حالات :
1- أن يمكنه غسل موضع النجاسة من الثوب والصلاة فيه ، كما لو كانت النجاسة على موضع من الكم مثلاً ، فيجب غسلها ، والصلاة في الثوب ، لاستطاعته الصلاة في ثوب طاهر ، فلا عذر له إن صلى بالنجاسة .
2- أن يمكنه خلع الثياب من غير أن تنكشف عورته ، كما لو كان يلبس تحته ثياباً أخرى تستر عورته ، فيجب عليه خلعه ، والصلاة في الثياب الطاهرة ، ولهذا خلع النبي صلى الله عليه وسلم خفيه وهو في الصلاة ، لما جاءه جبريل وأخبره أن فيها قذراً رواه أبو داود (650) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
3- أن لا يجد ثياباً أخرى طاهرة يصلي فيها ، ولا يمكن غسل موضع النجاسة من الثوب ، فالصحيح من أقوال العلماء : أنه يصلي في الثوب النجس ، ويكون معذوراً ، وصلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها بعد ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ومن لم يجد إلا ثوباً نجساً ؟ ، فقيل : يُصلي عرياناً ، وقيل : يُصلي فيه ويُعيد ، وقيل : يُصلي فيه ولا يُعيد ، وهذا أصح أقوال العلماء ؛ فإن الله لم يأمر العبد أن يُصلي الفرض مرتين إلا إذا لم يفعل الواجب الذي يقدر عليه في المرة الأولى ، مثل : أن يُصلي بلا طمأنينة فعليه أن يُعيد الصلاة كما أمر النبي من صلى ولم يطمئن أن يُعيد الصلاة ، وقال : ( ارجع فصل ؛ فإنك لم تصل ) ، وكذلك من نسي الطهارة وصلى بلا وضوء فعليه أن يُعيد كما أمر النبي من توضأ وترك لمعة في قدمه لم يمسها الماء أن يُعيد الوضوء والصلاة ، فأما من فعل ما أُمِرَ به بحسب قدرته فقد قال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (22/34، 35) .
والله أعلم .
تعليق