الحمد لله.
ينبغي أن يختار للإمامة من عرف بالصلاح والاستقامة والحرص على نفع الناس ؛ لأن الإمامة منصب شريف ، والعامل فيها قائم مقام الأنبياء والخلفاء والعلماء ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا ) رواه مسلم (673).
فاختار صلى الله عليه وسلم للإمامة الأفضل والأكمل .
والإمام إن كان على ما ذكرت من التقصير والتهمة فينبغي أن لا يولى الإمامة ابتداء ، وأن يعزل منها بعد توليها إن لم يترتب على عزله مفسدة أكبر .
وقد روى أبو داود (481) أَنَّ رَجُلا أَمَّ قَوْمًا فَبَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ : ( لا يُصَلِّي لَكُمْ ، فَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ فَمَنَعُوهُ ، وَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق ، لكن اختلفوا في صحتها ، فقيل : لا تصح ، كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما ، وقيل : بل تصح ، كقول أبى حنيفة والشافعي ، والرواية الأخرى عنهما ، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته " انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/358).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " فإذا أمكن للإنسان أن لا يقدم مظهراً للمنكر في الإمامة وجب عليه ذلك . لكن إذا ولاه غيره ، ولم يُمكنه صرفه عن الإمامة ، أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا بشر أعظم ضرراً من ضرر ما أظهر من المنكر : فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير ، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما ، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/377).
وأما الصلاة خلفه فصحيحة ولو كان فاسقا ، على الراجح من قولي العلماء ، وينظر جواب السؤال رقم (13465) .
أما إذا ثبت ما يقال عنه : إنه يعمل السحر : فهذا لا يجوز أن يُجعل إماما ، ولا أن يُصلَّى خلفه .
والخلاصة : أنه ينبغي بذل النصح لمثل هذا الرجل ، أولا ، وتذكيره بأنه قدوة لغيره ، وأنه يقبح منه ما لا يقبح من غيره ، وأن عليه البعد عن مواطن التهم ، والاجتهاد في أداء عمله ، والقيام بالأمانة التي أنيطت به .
ثم على اللجنة القائمة على أمر المسجد أن تعزله عن الإمامة ، ما دام ذلك في إمكانها ، وأن تولي من هو أصلح لذلك المنصب منه ، وأبعد عن مواطن التهم ، وأدعى إلى ائتلاف القلوب.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق