الحمد لله.
أولاً:
الأصل : أن تتزين المرأة لزوجها ، ويتزين لها ، كلٌّ بما يباح لهما من اللباس ، والطيب ، وغير ذلك .
قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ من الآية 228 .
قال القرطبي – رحمه الله – :
قوله تعالى : ( وَلَهُنَّ ) أي : لهنَّ من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن ، ولهذا قال ابن عباس : ” إني لأتزينُ لامرأتي كما تتزين لي ، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها ، فتستوجب حقَّها الذي لها عليَّ ؛ لأن الله تعالى قال : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ” أي : زينة من غير مأثم .
” تفسير القرطبي ” ( 3 / 123 ) .
ثانياً:
والأصل – كذلك – : أنه يجوز أن تلبس المرأة أمام زوجها ما تبين به عورتها ، والزوج كذلك ؛ لأن الأمر بحفظ العورة لا يدخل فيه ما بين الأزواج بعضهم مع بعض ، ولا ما بين الأزواج وملك يمينهم .
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَوْرَاتُنَا مَا نَأتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟ قَالَ : ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ ، قَالَ : ( إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا ) ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِياً ، قَالَ : ( اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ ) .
رواه الترمذي ( 2794 ) وأبو داود ( 4017 ) وابن ماجه ( 1920 ) ، وحسنه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
ثالثاً:
وعليه : فهل يجوز للزوجة أن تلبس لزوجها القصير من الثياب ، والشفاف الذي يشف ، والضيق الذي يصف ؟ والجواب : نعم ، يجوز ذلك ، ومثله لبس الزوج لها مثل ذلك ، وحيث جاز لكلا الطرفين أن يرى الآخر عارياً : فإنه لا وجه لمنع تلك الأحوال من الثياب – القصيرة ، والشفافة ، والضيقة – .
وهذه فتاوى أهل العلم في هذا :
1. سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل لبس المرأة الثوب الشوال الضيِّق حرام أم لا ، علماً أنها تقصد بذلك التجمل لزوجها فقط ؟ .
فأجابوا :
إذا كانت المرأة تستعمل ذلك عند زوجها فقط : فلا بأس ، وإلا فلا يجوز ؛ لما فيه من تحديد الجسم في الغالب ، وإبراز مفاتن المرأة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 24 / 34 ) .
2. وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 6 / 136 ) :
لا يجوز لبس الرقيق من الثياب إذا كان يشفُّ عن العورة ، فيُعلم لون الجلد من بياض ، أو حمرة ، سواء في ذلك الرجل ، والمرأة ولو في بيتها ، هذا إن رآها غير زوجها ؛ لما يأتي من الأدلة ، وهو بالإضافة إلى ذلك : مخل بالمروءة ، ولمخالفته لزي السلف ، ولا تصح الصلاة في مثل تلك الثياب ، ويجوز للمرأة لبسه إذا كان لا يراها إلا زوجها .
انتهى
3. وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – :
لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ، ومحارمها ، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت به العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة ، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط .
” المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان ” ( 3 / 170 ) .
4. وقال الشيخ صالح الفوزان أيضاً :
لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيِّق الذي يبيِّن مفاتن جسمها : لا يجوز ، إلا عند زوجها فقط ، أما عند غير زوجها : فلا يجوز ، حتى لو كان بحضرة النساء ؛ لأنَّها تكون قدوة سيئة لغيرها ، إذا رأينها تلبس هذا : يقتدين بها .
وأيضاً : هي مأمورة بستر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد ، إلا عن زوجها ، تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال ، إلا ما جرت العادة بكشفه عن النساء ، كالوجه واليدين والقدمين ، مما تدعو الحاجة إلى كشفه .
” المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان ” ( 3 / 176 ، 177 ) .
رابعاً:
وينبغي مراعاة الأحكام الشرعية الأخرى المتعلقة بذلك اللباس القصير ، والشفاف ، والضيق ، لكلا الزوجين .
1. فلا يجوز للرجل لبس الثياب الطويلة التي تمس الكعبين ؛ للنهي عن الإسبال .
وانظر جوابي السؤالين : ( 762 ) و ( 97786 ) .
2. ولا يجوز له لبس الثوب الأحمر ، المزعفر ، والمعصفر ، ويجوز ذلك للزوجة .
وانظر تفصيل هذا في جواب السؤال رقم : ( 72878 ) .
3. ولا يحل له لبس اللباس المصنوع من الحرير الطبيعي ، دون الحرير الصناعي .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 30812 ) .
4. ولا المصنوع من جلود الحيوانات غير مأكولة اللحم ولو كانت مدبوغة .
انظر جواب السؤال رقم : ( 9022 ) .
4. ولا يحل لهما لبس ثياب الكفار الخاصة بهم .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 108996 ) .
5. ولا يجوز لبس الزوجة لما يختص به الرجال من لباس ، كلبس الثوب والشماغ ، ولا يجوز للزوج لبس اللباس الخاص بالنساء كالفستان ، والتنورة .
والله أعلم
تعليق