الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

تعليق الدعاء على الإخلاص في عمل معين

127835

تاريخ النشر : 16-04-2009

المشاهدات : 24289

السؤال

هل يجوز أن يدعو الإنسان : اللهم إن كنت مخلصا في عملي هذا فنجحني ، مثلا ، أو فأتممه لي ؟ أي ربط استجابة الدعاء بالإخلاص في العمل ، أي إن استجاب الله وتم العمل المعين فهذا دليل على أن الله قد قبله ، وأنه مخلص به ، وإن لم يستجب الله فهو دليل على عدم إخلاص الداعي ؛ لأنه ربط الإخلاص في دعائه بحدوث أو تمام العمل ؟

الجواب

الحمد لله.

يجوز أن يدعو الإنسان فيقول في دعائه : اللهم إن كنت مخلصاً في عملي هذا فنجحني فيه ، أو : فأتمه لي .

وقد ورد مثل ذلك في حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار ، فسألوا الله بأعمالهم الصالحة ، فكان كل منهم يقول في دعائه : (اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه) ، فاستجاب الله تعالى دعاءهم . وننقل هنا نص الحديث :

عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ ، فَدَخَلُوهُ ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ ، فَقَالُوا : إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ .

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ – الغَبُوق : شرب اللبن آخر النهار - قَبْلَهُمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا ، فَنَأَى – أي : بَعُدَ - بي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا ، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا ، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا ، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا ، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا ، حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا .

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ .

فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ .

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

وَقَالَ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ ، كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا ، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِينَ ، فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفَعَلَتْ ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ : لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ . فَتَحَرَّجْتُ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا .

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ .

فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا .

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

وَقَالَ الثَّالِثُ : اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي . فَقُلْتُ لَهُ : كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ . فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْتَهْزِئُ بي . فَقُلْتُ : إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ . فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا .

اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ .

فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ ) رواه البخاري (2272) ، ومسلم ( 2743 ) .

ولكن لا يلزم من ذلك أن الله إذا وفقه في عمله أو أتمه له أن هذا الداعي كان مخلصاً في عمله ذلك ، وأنه إذا لم يوفق لم يكن مخلصاً .

لأنه قد يكون مخلصاً في عمله ولكن الله تعالى منعه الإجابة لسبب آخر ، كعقوبة له على معصية فعلها ، أو أكله الحرام ... ونحو ذلك .

وقد يكون غير مخلص في عمله ولكن الله يتمه له لسبب آخر غير الدعاء ، إما استدراج له ، أو أن هذا الدعاء وافق القدر المكتوب سابقاً ، فحصل ما قدره الله تعالى ، ولكن لا بسبب الدعاء .

وقد يكون ذلك قرينة على إخلاصه في العمل وأن الله تعالى قبل دعاؤه ، ولكننا لا يمكننا الجزم بذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب