الحمد لله.
هذه العبارات الدارجة على ألسنة الناس لا يراد بها حقيقتها من أن الروح فارقت البدن ثم عادت إليه ، أو أن رؤية فلان من الناس تعيد الروح للميت ، وإنما مرادهم حصول الراحة والسرور بعد الألم والضيق ، حتى يكون الإنسان بعدها بمنزلة من عادت إليه الحياة .
والروح لا تفارق البدن إلا في حال الموت ويبقى لها به نوع من التعلق ، وتفارقه مفارقة جزئية حال النوم .
قال ابن القيم رحمه الله : " الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام :
أحدها : تعلقها به في بطن الأم جنينا .
الثاني : تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .
الثالث : تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .
الرابع : تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة ، وقد ذكرنا من الأحاديث والآثار ما يدل على ردّها إليه وقت سلام المسلِّم ، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .
الخامس : تعلقها به يوم بعث الأجساد ، وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ (هو) تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .
… وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم شقيق الموت ، فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه ، كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت ، فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة " انتهى من "كتاب الروح" ص 44 .
والحاصل : أنه لا حرج في قول الإنسان : ردت الروح لي ، وما شابه ذلك على إرادة معنى صحيح كحصول الفرج والفرح والسرور ، بعد الشدة والألم والضيق .
والله أعلم .
تعليق