الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

عَقَد النكاح وهو يشك في الدين فهل يلزمه تجديده؟

131277

تاريخ النشر : 06-04-2009

المشاهدات : 18838

السؤال

مرت بي فترة شعرت خلالها والعياذ بالله بشك في ديني ، دون أن يتجاوز الأمر أعماقي الداخلية ، وفي خلال هذه الفترة عقدت قراني على واحدة من قريباتي ، وفعلنا كل ما يفعل في الزواج الشرعي من مهر وشبكة وعقد قران على يد مأذون وكل الشروط المطلوب مراعاتها ، ولو أني ساعة عقد القران كنت أخشى تماماً من بطلان الزواج أو أثق بهذا ، ولكني أكملت للنهاية أملاً في أن يعود إليّ إيماني في يوم من الأيام ، وقد عاد ولله الحمد ، فهل علي إعادة الزواج مرة أخري ؟

الجواب

الحمد لله.

إذا كان الشك الذي اعتراك هو مجرد وسوسة لم تطمئن إليها نفسك ولم يرض بها قلبك ، وكنت كالمغلوب عليها ، تأباها وتدفعها عن نفسك ، فهذا لا يضرك ، بل كراهتك لها دليل على صدق إيمانك ، كما روى مسلم (132) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ : إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ . قَالَ : (وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ) .

وروى مسلم (133) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوَسْوَسَةِ قَالَ : (تِلْكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ) .

أي : كراهتها واستعظام النطق بها .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : "أَمَّا مَعَانِي الْأَحَادِيث وَفِقْههَا : فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (ذَلِكَ صَرِيح الْإِيمَان , وَمَحْض الْإِيمَان) مَعْنَاهُ : اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلَام بِهِ هُوَ صَرِيح الْإِيمَان , فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلًا عَنْ اِعْتِقَاده إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان اِسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك" انتهى .

وروى البخاري (3276) ومسلم (134) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ : مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ : مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) .

وفي رواية لمسلم : ( لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ : هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ : آمَنْتُ بِاللَّهِ ).

فهذه الوساوس العارضة لا تؤثر على دين صاحبها ، ولا تضر عقد النكاح المعقود مع وجودها .

وأما إن كان الشك قد دام معك ، ولم تكرهه ، ولم تدفعه عن نفسك ، بل ظللت في حيرة وضلال ، فهذا الشك كفر مخرج من الملة ، ولا يصح معه عقد النكاح على المسلمة ، لأنه لا يصح زواج مسلمة من كافر .

ويلزم بعد التوبة والرجوع إلى الإسلام أن تجدد عقد النكاح .

ونحمد الله تعالى أن صرف عنك السوء ، ومَنَّ عليك بالعودة إلى دينك وإيمانك .

وكان الأولى أن تعرض سؤالك بشيء من التفصيل الذي يتميز به نوع الشك الذي حصل لك .

نسأل الله تعالى أن يزيدك إيمانا وهدى وثباتا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب