الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم متابعة الإمام في الركعة الزائدة

132470

تاريخ النشر : 13-09-2009

المشاهدات : 44243

السؤال

لماذا التزم الفقهاء عدم متابعة الإمام في الركعة الزائدة؟ بينما الحديث المرفوع يثبت متابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه في السهو ، من ذلك ما رواه الشيخان في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ....) إلى آخره ، والحديث الثاني : (لا تختلفوا على إمامكم) ، نرجو الإفادة في هذا الموضوع .

الجواب

الحمد لله.

"قد تقرر بالنص والإجماع أن الصلوات المعروفة العدد ليس فيها زيادة ولا نقص ، فالظهر أربع في حق المقيم غير المسافر ، والعصر كذلك والعشاء كذلك ، والمغرب ثلاث والفجر اثنتان والجمعة اثنتان ، فهي صلاة معروفة العدد ، فإذا زاد الإمام ركعة فهو إما ساهٍ وإما عامد ، ولا يتصور أن أنساناً يزيدها عمداً ، إلا إنسان لا يعرف الأحكام ولا يدري ما هو فيه ، وإنما الواقع يكون سهواً ، فإذا زاد ركعة سهواً فيه ، فإن تنبه ورجع وجلس فالحمد لله ، وإن لم ينتبه وأصر على الزيادة فإن الواجب على من علم بالزيادة أن لا يتابعه ، لأن هذه متابعة للخطأ .

ونحن مأمورون أن لا نتابع الأئمة في الخطأ ، وإنما الطاعة في المعروف ، فالإمام نقتدي به لكن في المعروف لا في الخطأ ، فالزيادة التي يزيدها الإمام سهواً تعتبر خطأً ، وزيادة في الصلوات الشرعية ، فمن عرفها وعلم أنها خطأ لا يتابعه بل يجلس ولا يتابعه في الخامسة في الظهر والعصر والعشاء ، ولا في الرابعة في المغرب ، ولا في الثالثة في الفجر والجمعة .

أما من لم يعرف أنها زائدة فإنه يتابعه عملاً بالحديث الذي ذكره السائل : (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ... الحديث) ، هذا يتابعه ، جاهل ما درى عن الزيادة ، لأن الأصل وجوب المتابعة ، أما الذي عرف أنها زيادة فقد عرف أنها خطأ فلا يتابعه في الخطأ ، بل يجلس ، ولا أعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم ، أما من عرف أن الإمام زاد ركعة فإنه ينبهه بقول: سبحان الله ، سبحان الله ، فإن أجاب الإمام ورجع إلى الصواب وإلا وجب على من علم أنها زائدة أن ينتظر ، وجب عليه أن يجلس ولا يتابعه في الخطأ . هذا هو المعروف عند أهل العلم وهو الموافق للأدلة الشرعية ، إنما الطاعة في المعروف ، فليس هناك أحد يُطاع في المعاصي أبداً ولا في الأخطاء ، إذا عرفت أنه خطأ فلا تتابعه في الخطأ .

أما الإمام الذي أصرّ ولم يرجع فهو بين أمرين : إن كان يعتقد صحة ما فعل وأنه مصيب وأن الذين نبهوه أخطأوا فقد أصاب وأحسن ولا بأس عليه ، فإذا اعتقد أنه مصيب يكمل صلاته على نيته وعلى اعتقاده وصلاته صحيحة ، والذين اعتقدوا أنه زائد صلاتهم صحيحة أيضاً ولا حرج على الجميع ، وكلٌّ مأخوذ باعتقاده وما علم أنه الصحيح في نفسه .

أما إن كان هو ليس عنده ضبط فقد غلط ولا يجوز له ذلك ؛ لأنه أصر على الخطأ فتكون زيادته هذه زيادة وقد نبهه اثنان فأكثر من المأمومين على أنه خطأ وليس عنده ضبط فيكون عمله غير صحيح ، وتكون الزيادة هذه مبطلة لصلاته لأنه تعمد زيادة ركعة غير مشروعة ، ويكون زاد في الصلاة عمداً ما ليس منها فتبطل الصلاة بذلك ، وأما الذين انفردوا عنه وجلسوا لاعتقادهم أنها زائدة فصلاتهم صحيحة ، يقرؤون التحيات ويكملون صلاتهم ويسلمون .

أما هو فإذا كان ما عنده بصيرة ولكنه أصر على الخطأ ولم يطاوع من نبهه من الجماعة إذا كانوا اثنين فأكثر فإن صلاته هو غير صحيحة ، وعليه أن يعيدها من أولها لكونه استمر في الباطل والخطأ على غير هدى ، وأما إذا كان مصيباً لاعتقاده أنه مصيب وأن الذين نبهوه أخطأوا فهذا مثل ما تقدم صلاته صحيحة وهو مسئول عن اعتقاده ولا حرج عليه .

وبالنسبة للتسليم فإذا استمر الإمام ولم يرجع فالأفضل لهم أن ينتظروه حتى يسلموا معه ، وإن سلموا أجزأ وصحت صلاتهم لأنهم معذورون باعتقادهم ، ولكن إن انتظروه يكون أحسن لهم ، فقد يكون معذوراً ، قد يكون يعتقد صواب نفسه ، فيكون معذوراً فإذا انتظروه وسلموا معه يكون هذا أفضل" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (2/848 – 850) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - فتاوى نور على الدرب