الحمد لله.
ذكر أهل العلم أن الرجل إذا لم يكن متزوجاً فإنه يقدم الحج على الزواج ، إلا أن يخاف العنت ، وهو الوقوع في الفاحشة أو المشقة ، فيقدم حينئذ الزواج على الحج .
قال الشيرازي في "المهذب" (1 / 197) .
" وإن احتاج إلى النكاح وهو يخاف العنت قدم النكاح " انتهى .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (3/404) :
" إذَا خَافَ الْعَنَتَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ : قَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَيْهِ , عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ , نَصَّ عَلَيْهِ [يعني الإمام أحمد] , وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ , وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ لِوُجُوبِهِ إذَنْ , وَحَكَاهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا , لَكِنْ نُوزِعَ فِي ادِّعَاءِ الْإِجْمَاعِ " انتهى .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"إن كان المسلم لا يخاف على نفسه من الزنا وجب عليه تقديم الحج على الزواج ، وإن كان يخاف على نفسه من ذلك قدم الزواج على الحج من أجل إعفاف نفسه ، ولأن الحج إنما يجب على المستطيع ، وهذا يعتبر غير مستطيع حتى يعف نفسه " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23 / 320) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"من اشتدت حاجته إلى الزواج وجبت عليه المبادرة به قبل الحج ؛ لأنه في هذه الحال لا يسمى مستطيعاً ، إذا كان لا يستطيع نفقة الزواج والحج جميعاً فإنه يبدأ بالزواج حتى يعف نفسه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16 / 359) .
وانظر جواب السؤال رقم (27120) .
أما من كان متزوجاً ، فقد أعف نفسه بالزواج ، فالواجب عليه المبادرة بالحج قبل الزواج بثانية ؛ فإنه ركن من أركان الإسلام ، وقد قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران/97 .
وقد يكون الرجل متزوجاً ولكنه يحتاج إلى أخرى ، إما لكونه قوي الشهوة ، أو لكون الأولى مريضة أو غير ذلك من الأسباب ، ففي هذه الحالة يقدم الزواج بثانية على الحج ، لحاجته إليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"لو كان الأب نفسه يحتاج إلى نكاح ويخشى على نفسه إن لم يتزوج وليس في يده إلا هذه الدراهم فهو إما أن يحج بها وأما أن يتزوج فحينئذٍ نقول : قدم الزواج .
ولا تعجب إذا قلت إن الأب محتاج إلى الزواج وليس عنده إلا هذه الدراهم ؛ لأن هذا يقع كثيرا قد يكون الرجل كثير الشهوة لم تغنه المرأة الأولى ، أو تكون المرأة الأولى قد ماتت أو طلقت فيحتاج إلى زوجة أخرى" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (227 / 30) .
والله أعلم .
تعليق