الحمد لله.
أولاً :
من طلق زوجته بلفظ " صريح الطلاق " كما لو قال لها : "أنت طالق أو أنت مطلقة" ، طَلقت في الحال ، سواء قصد به التخويف أو التهديد أو المزح ؛ لأن الطلاق الصريح لا يحتاج إلى نية .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/249 ) : "صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية , بل يقع من غير قصد , ولا خلاف في ذلك ... وسواء قصد المزح أو الجد ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : النكاح , والطلاق , والرجعة ) رواه أبو داود , والترمذي , وقال : حديث حسن. قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم , على أن جد الطلاق وهزله سواء " انتهى .
ثانياً :
ينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن الطلاق ؛ لأن الطلاق ليس بالأمر السهل ولا يمكن أن تعالج الأمور بهذه الصورة بل الذي ينبغي عليك أن تخوفها بالله ، وأن مخالفة المرأة لزوجها وعدم طاعتها له فيما أمرها الله به ، كبيرة من كبائر الذنوب ، كيف لا وقد قال عليه الصلاة والسلام : (لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا) رواه الترمذي (1159) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
ثم النصيحة أخي السائل أن تواصل زوجتك بأشرطة ورسائل تعالج أمور العشرة بين الزوجين مع الوعظ والتذكير ، فإن لم يستقم حالها ، فاهجرها في المضجع ، وإلا فاضربها ضرباً غير مبرح ، قال الله تعالى : (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء/34 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى : (وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) أي : "ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل ، فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل ، (فَعِظُوهُنَّ) أي : ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة ، والترهيب من معصيته ، فإن انتهت فذلك المطلوب ، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع ، بأن لا يضاجعها ، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود ، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح ، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا) أي : فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر" انتهى .
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : "(إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب ، فإن الله العلي الكبير وليهن وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن" انتهى .
والخلاصة : ننصحك بعدم الاستعجال في الطلاق ، فقد تطلق هذه المرة ثم لا تستقيم الحال فتطلقها الثانية ثم الثالثة فإذا هي قد بانت منك ، ثم تندم في حين لا ينفعك الندم .
والله أعلم
تعليق