الحمد لله.
مبنى العبادات على التوقيف أي : أننا نقف على وردت به النصوص ، ولا نزيد على ما ورد به الشرع ، ولا نغيره ، وقد علَّم الرسول صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب دعاء يقوله عند النوم ، فقال له : (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ . فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ)
قَالَ البراء : فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ : اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ : (وَرَسُولِكَ) قَالَ : (لَا ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ) البخاري (247) ومسلم (2710) .
فأنكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم تغيير لفظ (نبيك) بلفظ (رسولك) .
قال النووي رحمه الله :
"وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْره أَنَّ سَبَب الْإِنْكَار : أَنَّ هَذَا ذِكْر وَدُعَاء , فَيَنْبَغِي فِيهِ الِاقْتِصَار عَلَى اللَّفْظ الْوَارِد بِحُرُوفِهِ , وَقَدْ يَتَعَلَّق الْجَزَاء بِتِلْكَ الْحُرُوف , وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَات , فَيَتَعَيَّن أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا , وَهَذَا الْقَوْل حَسَن" انتهى .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" الأصل في الأذكار وسائر العبادات الوقوف عند ما ورد من عباراتها وكيفياتها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6 / 87).
فالذي ينبغي هو التقيد بألفاظ السلام الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعدم الزيادة عليها ، حتى لا يقع المسلم في الابتداع في الدين .
وزيادة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم عند السلام تشبه زيادتها بعد العطس وحمد الله ، وقد أنكرها ابن عمر رضي الله عنهما.
روى الترمذي (2738) عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ . قَالَ ابْنُ عُمَرَ : (وَأَنَا أَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ولا زال المسلمون في كل عصر يسلم بعضهم على بعض السلام المعهود المعروف ، من لدن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا .
فروى البخاري (3326) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ - وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ - فَاسْتَمِعْ مَا يُجِيبُونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ . قَالَ : فَذَهَبَ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ . فَقَالُوا : السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . قَالَ : فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ .
وقد ذكر العلماء رحمهم الله ألفاظ السلام ، ولم يذكروا معها الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ، لعلمهم أن ذلك زيادة على ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون بدعة مذمومة .
وانظر كتاب "الأذكار" للنووي رحمه الله ص 216 – 231 .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلن كل جمعة وهو على المنبر أن (خَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم (867) .
فليس هناك أفضل مما شرعه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالذي ينبغي هو تعليم هؤلاء السنة وحثهم على التمسك بها وعدم الزيادة عليها .
والله أعلم .
تعليق