الحمد لله.
أولاً :
من الجيد السؤال عن أحكام الشرع الله تعالى لمن لا يعلمها ، ومن الجيد أيضاً : أن يكون السائل فطناً ، فيسأل عن الدليل على حكم مسألته ، حتى يكون متبعاً الكتاب والسنة .
ثانياً :
ثبت في السنَّة الصحيحة – بلا ريب – تحريم الرسم ، والنحت ، لذوات الأرواح ، وثبت – كذلك - أن الملائكة لا تدخل بيتاً توجد فيه تلك الصور المحرمة ، والمقصود بهم : ملائكة الرحمة والاستغفار .
فعن أبي طلحة رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ، وَلاَ صُورَةٌ تَمَاثِيلُ ) رواه البخاري ( 3053 ) ومسلم ( 2106 ) .
وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ( إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ أوْ صُورَةٌ ) رواه مسلم ( 2104 ) .
فإذا وجدت الصور المحرَّمة في بيت : حُرم أهله وجود ملائكة الرحمة ، والاستغفار ، وصار البيت مأوى للشياطين .
ويدخل في هذه الصور المحرمة :
1. التماثيل لذوات الأرواح ، مصنعة ، أم منحوتة ، من أي مادة كان ذلك التصنيع ، أو النحت .
ويدخل فيها حلي النساء المصنع على صورة حيوان .
2. الصور الشمسية - الفوتوغرافية - ، التي لا يحتاج صاحبها إليها ، بل يحتفظ بها للذكرى أو لغير ذلك من الأسباب التي ليست ضرورية .
3. الصور المرسومة باليد ، أو بالكمبيوتر ، لذوات الأرواح .
ولا يدخل في هذا الحكم [التحريم ، وحرمان دخول الملائكة] الصور التي يجوز اقتناؤها ، ومنها:
1. ما كان وجوده ضرورة ، كصور البطاقة الشخصية ، وجواز السفر ، وكالصور الموجودة على الأوراق النقدية .
2. ما كان ممتهناً من الصور ، كالموجود منها على السجاد ، أو علب الحليب ، والصلصة ، وغيرها ، مما مصيره القمامة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
قال الخطَّابي : والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه ، وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح ، مما لم يقطع رأسه ، أو لم يمتهن .
" فتح الباري " ( 10 / 382 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
إن صور جميع الأحياء من آدمي أو حيوان محرمة ، سواء كانت مجسمة ، أم رسوماً ، وألوانا في ورق ، ونحوه ، أم نسيجاً في قماش ، أو صوراً شمسية ، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ؛ لعموم الأحاديث الصحيحة التي دلت على ذلك .
ويرخص فيما دعت إليه الضرورة ، كصور المجرمين ، والمشبوهين ؛ لضبطهم ، والصور التي تدخل في جوازات السفر ، وحفائظ النفوس ؛ لشدة الضرورة إلى ذلك ، ونرجو ألا تكون هذه وأمثالها مانعة من دخول الملائكة البيت لضرورة حفظها ، وحملها ، والله المستعان .
وهكذا الصور التي تمتهن كالتي في الفراش ، والوسائد ، نرجو أنها لا تمنع من دخول الملائكة ، ومن الأحاديث الواردة في ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ) رواه البخاري .
وروي أيضاً عن أبي جحيفة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور ) .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 720 ، 721 ) .
وانظر جواب السؤال رقم (134313) .
3. لعب الأطفال .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (119056) و (20325) .
ثالثا :
أما حكم الصلاة في مكان فيه صور : فهو مبني على التقسيم السابق ، فلا تجوز الصلاة في مكان فيه صور محرَّمة ، وتجوز الصلاة في مكان فيه صور جائزة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
أما الصلاة في الأماكن التي توجد فيها مثل هذه الصور : فإن كانت من الأشياء المباحة ، كالذي يُمْتَهَن - على قول جمهور أهل العلم - : فلا بأس بها ، وإن كانت من الأشياء التي غير مباحة ، مثل الصور المعلقة : فإنه لا يُصلَّى في هذا المكان حتى تُنَزَّل الصور ، مع أن هذه الصور المعلقة لا يجوز أن تعلَّق أبداً مهما كان المصوَّر ، بعض الناس يضع صورته في برواز ، ويعلقها في المجلس ، أو يضع صورة والده ، أحياناً يضعون صورة الوالد وهو ميت - نسأل الله العافية - وبعض الناس يضع صور اللاعبين - لاعبي الكرة ! - ، وللناس إرادات ، وأهواء ، المهم : كل الصور المعلقة لا تجوز أيّاً كان المعلَّق .
" جلسات رمضانية " ( رقم الدرس : 6 ، عام 1410 هـ ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
أصلي بغرفة بها صور ، كصورة صديق لي معلقة على الحائط ، أو صورة إنسان آخر ، وقد قال لي بعض الأخوة : " إن صلاتك باطلة بسبب استقبال هذه الصور " ، فماذا أفعل في المدة الماضية ؟ وما حكم صلاتي ؟ بارك الله فيكم .
فأجاب :
الصلاة صحيحة ، ومَن قال إن الصلاة باطلة : فقد غلط ، فالصلاة صحيحة ، ولكن يكره الصلاة في هذه الحجرة إذا تيسر غيرها ، وإلا فالصلاة صحيحة ؛ لأنك لا تعبد الصور ، إنما صليت لله ، فصلاتك صحيحة .
" فتاوى نور على الدرب " ( ص 309 ، 310 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هل تجوز صلاة المصلي وأمامه صورة حيوان ، كالحصان - مثلاً - ، معلقة على الجدار ؟ .
فأجاب :
الصلاة صحيحة ، لكن أصل تعليق الصور على الجدران : لا يجوز .
الصور إنما تجوز إذا كانت ممتهنة ، توطأ ، وأما إذا كانت معلقة : فلا ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ) .
" فتاوى نور على الدرب " ( شريط : 372 ، وجه : ب ) .
ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم ( 6390 ) و ( 130263 ) .
والله أعلم
تعليق