الحمد لله.
لا حرج في دراسة المواد التجارية المحاسبية وإن اشتملت على أمور محرمة كالربا والضرائب ، بشرط أن يكون الدارس أو المدرس معتقدا تحريم ما حرم الله من ذلك ، وإنما يدرس هذه المواد للوقوف على ما فيها من الشر والباطل ، أو ليستفيد منها فيما لا يخالف الشرع ؛ فإن جميع الشركات والمؤسسات تحتاج إلى هذا العلم ، والاستفادة منه . وكذلك دراسة المواد القانونية ، للوقوف على باطلها والتحذير منها أو للاستفادة من النافع منها مع البراءة مما فيها من الباطل .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن حكم دراسة القوانين الوضعية فأجاب :
"أما الدارسون للقوانين والقائمون بتدريسها فهم أقسام :
القسم الأول :
من درسها أو تولى تدريسها ليعرف حقيقتها ، أو ليعرف فضل أحكام الشريعة عليها ، أو ليستفيد منها فيما لا يخالف الشرع المطهر ، أو ليفيد غيره في ذلك ، فهذا لا حرج عليه فيما يظهر لي من الشرع ، بل قد يكون مأجورا ومشكورا إذا أراد بيان عيوبها وإظهار فضل أحكام الشريعة عليها ، وأصحاب هذا القسم حكمهم حكم من درس أحكام الربا وأنواع الخمر وأنواع القمار ونحوها كالعقائد الفاسدة ، أو تولى تدريسها ليعرفها ويعرف حكم الله فيها ويفيد غيره ، مع إيمانه بتحريمها كإيمان القسم السابق بتحريم الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشرع الله عز وجل ، وليس حكمه حكم من تعلم السحر أو علمه غيره ؛ لأن السحر محرم لذاته لما فيه من الشرك وعبادة الجن من دون الله فالذي يتعلمه أو يعلمه غيره لا يتوصل إليه إلا بذلك أي بالشرك بخلاف من يتعلم القوانين ويعلمها غيره لا للحكم بها ولا باعتقاد حلها ولكن لغرض مباح أو شرعي كما تقدم ..." انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (2 / 231) وينظر تتمة كلامه في جواب السؤال رقم (12874) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (103181) .
ويشترط في الدارس لهذه المواد أن يكون على علم وبصيرة بأحكام الشرع ، بحيث يؤمن عليه الاغترار بالباطل والتأثر بما يعرض من الشبهات ، فإن أشكل عليه شيء من ذلك بادر بسؤال أهل العلم ، ليتميز له الحق من الباطل ، والصواب من الخطأ .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14 / 232) : " لا يجوز تعلم القوانين الوضعية لتطبيقها ، ما دامت مخالفة لشرع الله ، وتجوز دراستها وتعلمها لبيان ما فيها من دخل وانحراف عن الحق ، ولبيان ما في الإسلام من العدل والاستقامة والصلاح ، وما فيه من غنى وكفاية لمصالح العباد. ولا يجوز لمسلم أن يدرس الفلسفة والقوانين الوضعية ونحوهما ، إذا كان لا يقوى على تمييز حقها من باطلها خشية الفتنة والانحراف عن الصراط المستقيم ، ويجوز لمن يهضمها ويقوى على فهمها بعد دراسة الكتاب والسنة ؛ ليميز خبيثها من طيبها ، وليحق الحق ويبطل الباطل ، ما لم يشغله ذلك عما هو أوجب منه شرعا ، وبهذا يُعلم أنه لا يجوز تعميم تعليم ذلك في دور العلم ومعاهده ، بل يكون لمن تأهل له من الخواص ؛ ليقوموا بواجبهم الإسلامي من نصرة الحق ودحض الباطل " انتهى .
والله أعلم .
تعليق