الحمد لله.
أولاً:
القاعدة العامَّة في المأكولات أن الأصل فيها : الإباحة ، ولايمنع منها إلا ما دل الدليل على تحريمه ومنع الأكل منه .
غير إن الإشكال إنما هو في استعمال "الخميرة" في هذه المخللات .
وجاء في الموسوعة العربية ـ في مادة الخميرة ـ ما يلي :
" الخَميرة مادة تؤدي إلى تخمر العجين أثناء صنع الخبز، وتحدث تأثيرها بتكوين غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يصدر فقاعات تخفف اللون ويمدد العجينة أثناء عملية الخَبْز، ويجعلها ترتفع إلى أعلى ويزداد حجمها. وتُستَخدم الخميرة أيضًا في إنتاج الجعة والنبيذ والعديد من المشروبات الكحولية. وتتكون الخميرة المُستخدمة تجاريًا من تجمعات من كائنات الخميرة المجهرية أحادية الخلية. وعلى الرغم من وجود أكثر من 600 نوع من الخمائر إلا أن القليل منها فقط له استخدامات تجارية " .
وعليه :
فإن كان مقدار الخميرة الموضوع في هذه المخللات وما أشبهها يسيراً ، وقد استهلك فيه ، بحيث لم يظهر تأثيره في هذه المحللات بإسكار أو تفتير فلا بأس باستعمال الخميرة فيها ، وتناول هذه المخللات .
وإن تركت الخميرة فيها أثراً ، بحيث أن من أكل هذه المخللات ، ولو بكمية كبيرة منها أصابه سكر ، أو تفتير ، حرم استعمال الخميرة فيها ، أو أكل ما وضعت فيه الخميرة على هذا الوجه.
وبه يتبيَّن :
أن تناول المخللات من الأطعمة المباحة : مباح ، وليعلم أن الخل الذي يوضع مع تلك المنتجات ، أو الذي يُنتج من تخليل تلك المواد : هو من الشراب المباح في الأصل ، وقد كان من طعام النبي صلى الله عليه وسلم ، بل وأثنى عليه ، فقال : ( نِعْمَ الإِدامُ الخَلُّ ) رواه مسلم ( 2051 ) .
وانظر تفصيل الكلام في حكم " الخل " في جوابي السؤالين ( 106196 ) و ( 113941 ) .
ثانياً:
لا حرج – أيضاً – في أكل الخبز المخمَّر ، فالخميرة التي توضع على العجين ليست هي الخمرة المحرَّمة ، ولا تترك فيها أثراً من سكر أو تفتير ؛ لا سيما وأن إنضاجه بالنار يحول مادة الخميرة تماماً ، بحيث لا يبقى لها ظهور أو تأثير .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
كيف نجاوب عن حكم الخميرة التي يفعلونها في " الدقيق " لتساعد على تخميره وتسهيل طبخه ، وبعض الناس يقول إنها " خمرة " ! ولا يجوز استعمالها ؟ .
فأجاب :
أجيبهم على هذا بأنه لا بأس بوضع الخميرة في العجين لأجل أن يتخمر ؛ لأن هذا لا يؤثر فيه شيئاً ، ثم هذا الخميرة - أيضاً - لا أظن أنها تسكر ، لو أن الإنسان تناولها وأكلها ، والأصل في جميع المطعومات ، وفي جميع المشروبات ، وفي جميع الملبوسات : الأصل فيها : الحل حتى يقوم دليل على التحريم ؛ لقول الله تعالى ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة/ 29 .
فلا بأس من وضع الخميرة في العجين لأجل أن يتخمَّر .
" فتاوى نور على الدرب " ( شريط 70 ، وجه ب ) .
والله أعلم
تعليق