الحمد لله.
أولاً:
الواجب على الوالد أن يعدل في عطيته لأولاده ، فيعطي للذكر مثل حظ الأنثيين .
ولا يجوز تفضيل بعضهم على بعض أو إعطاء الذكور وحرمان الإناث ، فذلك من الأمور المستنكرة التي لا يقرها الشرع ، ولا يقرها ذو عقل صحيح .
وقد سبق بيان أدلة ذلك في جواب السؤال رقم (22169) .
ثانيا :
الظاهر أن الصورة المسئول عنها : أن الجد قام بهبة هذه الأرض لأبنائه الذكور في حياته ، وبهذا تم حرمان الإناث من الميراث ، لأن هذه الصورة هي التي تقع كثيرا .
فإن كان هذا هو الذي وقع ، فالذي يظهر أن الأمر يُقَرُّ على ما هو عليه الآن ، ولا يطالب مَنْ بيده الأرض بإعادة قسمتها من مئات السنين ، وذلك لأسباب :
1-أن قول جمهور العلماء (منهم أبو حنيفة والشافعي ومالك) أن تفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة جائز وليس محرماً ، وإنما غاية أمره أن يكون مكروهاً .
ثم الحنابلة الذين يقولون بتحريم تفضيل الأولاد بعضهم على بعض ، يقولون : إذا أعطى الوالد ولده هبة وقبضها الابن ثم مات الوالد فإنها تُقَرُّ في يد الابن ولا تنزع منه ، ويكون ملكه لها صحيحاً ، ويستدلون على ذلك بما ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لعائشة في مرض موته ، وكان قد وهب لها هبة ولكنها لم تقبضها ، فقال : (وددت أنك حزتيه أو قبضتيه ، وهو اليوم مال الوارث : أخواك وأختاك ، فاقتسموا على كتاب الله عز وجل) .
فظاهر هذا : أنها لو كانت قبضته لكان ملكاً لها .
وروى مثل ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وانظر : المغني (8/270) .
فتبين بهذا أن مذهب الأئمة الأربعة في هذه الصورة المسؤول عنها أن الأرض ملك لأبناء الذكور ، ولا يلزمهم ردها في التركة وإعادة التقسيم .
2-وأيضاً : قد تكون النساء وافقن على هذا التفضيل وتنازلن عن حقهن ، وعلى هذا فلسنا على يقين من أن هذا التفضيل باطل محرم .
فنظراً لقول الجمهور ، ولاحتمال رضى النساء بهذا التفضيل ، فلا يجب نزع الأرض ممن هي بيده الآن ، وإعادة تقسيم التركة ، بل تبقى الأرض ملكاً لمن هي بيده الآن ، ويجوز له العمل فيها والاكتساب منها .
ولا حرج عليه في ذلك إن شاء الله تعالى .
والله أعلم
تعليق