الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

استيراد أجهزة طبية عن طريق البنك بعقد إجارة منتهي بالتمليك

143004

تاريخ النشر : 12-01-2010

المشاهدات : 12067

السؤال

أنا طبيب مختص في التشخيص بالأشعة , أتممت دراستي في أوروبا وأرغب في العودة إلى وطني لفتح عيادة خاصة وذلك لأعيش في بلد مسلم . ولكن تكاليف معدات الأشعة باهظة جدا وتحتاج إلى تمويل خارجي . عندنا بنك وحيد يقال له إسلامي يعرض تمويل المشروع بطريقة الإيجار المنتهي بالتمليك . في هذا العقد يختار الحريف المعدات الطبية ويناقش ثمنها مباشرة مع المزود ثم يعلم البنك باختياره. بعد الموافقة على صلاحية المشروع أي ربحه يجري البنك الممول عقد شراء مع المزود ويتم تحويل المال مباشرة إلى المزود دون تدخل البنك في اختيار المعدات أو ثمنها أو المزود . يأتي بعدها إبرام عقد إيجار بين البنك الممول والحريف بإيجار شهري معلوم مسبقا لمدة معينة (7 سنوات) . بنهاية هذا العقد يكون الاختيار للحريف إما لتمديد الإيجار أو لإرجاع المعدات المؤجرة للبنك أو لشرائها بثمن رمزي . بصفة عامة يختار الحريف منذ البداية عقد إيجار مع وعد بالبيع لصالحه عند نهاية العقد مقابل القيمة المتبقية . في حالتي الخاصة القيمة المتبقية وقع تحديدها مسبقا إلى دينار رمزي. هناك نقاط في العقد أثارت تساؤلاتي: 1. قيمة الإيجار الشهري مرتفعة إذ تمثل قيمة ملكية وليست قيمة المنفعة حيث يحتسب قيمة شراء المعدات ويضاف إليها نسبة أكثر من 50% أرباح (ما يعادل750 ألف ريال إضافية وهي النسبة نفسها في البنوك الربوية). ثم تقدر الأجرة بمقدار مقسط يُستوفى به المبلغ علما أنه يقع التوقيع مسبقا مع العقد على جميع كمبيالات فترة الإجارة كضمان للبنك. 2. مدة عقد الإيجار معلومة مسبقا لا رجعة فيها حيث لا يمكن للمستأجر إنهاء عقد الإيجار متى شاء بل عليه استيفاء مدة العقد وهي تقدر بناء على النشاط والقدرة على إرجاع الأقساط. 3. التأمين على المعدات والصيانة التشغيلية يتحملها المستأجر بصفته المستفيد الحقيقي منها. 4. حسب البنك الإسلامي ليست هناك غرامة تأخير في صورة التأخير في دفع الإيجار. 5. في صورة عدم دفع أجرة شهر أو أكثر يتم إنهاء العقد من طرف البنك وإرجاع كامل المعدات إليه ويلتزم الحريف بدفع كامل الإيجارات السابقة وعندما سألت المدير هل يرجع البنك للحريف ما دفعه من أقساط أجاب بأن عملية البيع مجددا لهذه المعدات المستعملة صعبة جدا وفي هذه الحالة لا يردّ ما أخذ منه خاصة وأنه قد استوفى المنفعة . 6. في بعض الحالات يطلب البنك علاوة عن امتلاكه للمعدات ضمانات إضافية تحفظ حقه في حالة إتلاف المعدات . أفتوني في هذا العقد جزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله.

عقد الإجارة المنتهي بالتمليك ، له صور ، منها الجائز ، ومنها الممنوع . ومن الصور الجائزة : أن يقترن بعقد الإجارة وعدٌ بالبيع ، ثم إذا انتهت الإجارة أجرى الطرفان عقد البيع ، فهذا جائز .
ومنها : أن يقترن عقد الإجارة بعقد هبةٍ للعين معلقا على سداد كامل الأجرة ، أو بوعدٍ بالهبة بعد سداد كامل الأجرة ، فهذا جائز .

" وفي جميع حالات التمليك عن طريق الوعد بالهبة أو بالبيع لابد من إبرام عقد التمليك عند تنفيذ الوعد ولا تنتقل ملكية العين تلقائيا بمجرد وثيقة الوعد الأولى " انتهى من "المعايير الشرعية" ص 142.

ويشترط في جميع الصور الجائزة أن تكون الإجارة حقيقية ، غير ساترة للبيع , فيكون ضمان السلعة المؤجرة أي السيارة أو العقار على المؤجِّر (الشركة) ، لا على المستأجر ، وكذلك نفقات الصيانة تكون على المؤجِّر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة ، وهذا بخلاف البيع ، فإن الضمان فيه والصيانة كلها على المشتري ، لأنه يملك السلعة بمجرد العقد ، ويكون ضمانها عليه إذا استلمها .


وفي حال اشتمال العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلاميا لا تجاريا ، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر ، سواء كان التأمين شاملا أو جزئيا ؛ لأن ضمان العين المؤجرة عليه لا على المستأجر ، ولا يضمنها المستأجر إلا إذا حصل منه تعدٍّ أو تقصير .

فتحصل من ذلك أنه يشترط لصحة العقد أمور :
1- أن يكون ضمان العين على المالك لا على المستأجر .
2- أن تكون الصيانة - غير التشغيلية - على المالك خلال مدة الإجارة كلها .
3- أنه لا يجوز إلزام المستأجر بالتأمين ، بل التأمين على المالك .
وهذه الأمور جاء منصوصا عليها في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، وسبق نقله في جواب السؤال رقم (97625) .

ومما ورد فيه بشأن الضمان : " أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من غير ناشئ من تعد المستأجر، أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة ".

ومما ورد بشأن التأمين : " إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلاميا لا تجاريا، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر".

ومما ورد في القرار بشأن الصيانة : " تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجِّر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة ".
وأما الصيانة التشغيلية ، ويراد بها ما تحتاجه الآلة للاستمرار في العمل كالزيت ونحوه ، فهذه تكون على المستأجر.

واشتراط الصيانة على المستأجر يؤدي إلى جهالة الأجرة , فتفسد الإجارة بهذا الاشتراط باتفاق المذاهب ، وينظر : الموسوعة الفقهية (1/ 286). كما أن اشتراط ذلك يجعل الإجارة غير حقيقية بل ساترة للبيع ، وهو بيع لا يصح لأنه مؤقت بمدة .

ويجب معرفة مراد البنك بالصيانة التشغيلية ، فإنه لا يدخل فيها مثلا إصلاح الأجهزة المتعطلة ، أو تبديل القطع التالفة .

فتحصل من هذا : أن الإشكال في هذه المعاملة يقع في مسألة التأمين ، ونوع الصيانة التي يتحملها المستأجر ، والتي يتحملها البنك .

ومما جاء في قرار هيئة المعايير الشرعية ص 138 : " العين المؤجرة تكون على ضمان المؤجر طيلة مدة الإجارة ما لم يقع من المستأجر تعدٍّ أو تقصير . ويجوز له أن يؤمن عليها عن طريق التأمين المشروع كلما كان ذلك ممكنا . ونفقة التأمين على المؤجر ، ويمكن أخذها في الاعتبار ضمنا عند تحديد الأجرة ، ولكن لا يجوز له تحميل المستأجر بعد العقد أي تكلفة إضافية زادت على ما كان متوقعا عند تحديد الأجرة . كما يمكن للمؤجر أن يوكل المستأجر بالقيام بإجراء التأمين على حساب المؤجر " انتهى .

ولهذا فالأحسن لك أن تشتري هذه الأجهزة عن طريق المرابحة مع البنك ، فيشتري البنك الأجهزة ، ثم يبيعها عليك بالأقساط ، مع الحذر من الوقوع في الربا المتمثل في اشتراط البنك غرامة للتأخير ، والحذر من التوقيع على شرائك الأجهزة من البنك قبل أن يشتريها هو لنفسه.

وينظر في شأن المرابحة جواب السؤال رقم (81967) ورقم (36408) ورقم (96749) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب