السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

خبر منكر عن علي رضي الله عنه في تمييز الخنثى المشكل .

145800

تاريخ النشر : 23-03-2010

المشاهدات : 19843

السؤال

القصة هي قصة سيدنا علي بخصوص الخنثى ، لتمييز الجنس أمر سيدنا علي بحساب أضلاع الخنثى اليمنى واليسرى ، وبهذه الطريقة أصدر سيدنا علي حكمه وحدد الجنس ، وقال : "إنه ذكر وليس أنثى " ، فهل هذا صحيح ؟ وهل نسترشد بهذه القصة ؟ وقد وجدت مصدر هذه القصة في المناقب، الفصل 7، ص 54.

الجواب

الحمد لله.

هذا الخبر رواه محمد بن خلف وكيع في "أخبار القضاة" (2 / 197) فقال :

حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد اللهِ بْن معاوية، قال : حَدَّثَنِيْ أبي ، عَن أبيه معاوية ، عَن ميسرة ، عَن شريح : قال : تقدمت إِلَى شريح امرأة ، فقالت : إني امرأة لي إحليل ، ولي فرج ، قال : قد كان لأمير المؤمنين في هَذَا قضية ، ورث من حَيْثُ يجيء البول ، قالت : إنه يجيء منهما جميعاً ، قَالَ : فانظري من أين يسبق ، قالت : ليس شيء منهما يسبق صاحبه إنما يجيئان في وقت ، وينقطعان في وقت . قال : إنك لتخبريني بعجيب ، ... وساق الخبر ، وفيه أن عليا رضي الله عنه قال : خذوا هذه المرأة ، إن كانت امرأة فادخلوها بيتاً وألبسوها ثياباً ، وعدوا أضلاع جنبيها . ففعلوا ، فقال : عدد الجنب الأيمن أحد عشر ، وعدد الأيسر اثنا عشر ؛ فَقَالَ علي : الله أكبر . فأمر لها برداء وحذاء وألحقها بالرجال . فَقَالَ زوجها : يا أمير المؤمنين زوجتي وابنة عمي ، فرقت بيني وبينها ، فألحقتها بالرجال ، عمن أخذت هذه القصة ? قال : إني أخذتها عَن أبي آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . إن الله عز وجل خلق حواء ، ضلعا من أضلاع آدم ، فأضلاع الرجال أقل من أضلاع النِّسَاء بضلع .

وهذا خبر منكر لا يصح :

قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 193) :

" على بن عبد الله بن معاوية بن ميسرة بن شريح الهمداني القاضى روى عن أبيه عبد الله بن معاوية بن ميسرة عن أبيه معاوية عن أبيه ميسرة بن شريح قال : تقدمت إلى شريح امرأة فقالت إن لي إحليلا وإن لي فرجا ، فقال لها : قد كان لأمير المؤمنين في هذا قضية ، فذكر الحديث بطوله ، وفيه : عدد الجنب الأيمن ثمانية عشر ضلعا وعدد الجنب الأيسر سبعة عشر ضلعا .

سمعت أبى يقول : كتبت هذا الحديث لأسمعه من على بن عبد الله ، فلما تدبرته فإذا هو شبه الموضوع ، فلم أسمعه على العمد "انتهى .

وراجع : "لسان الميزان" (4 / 236) .

وعامة الفقهاء لا يعتمدون هذا القول ، ولو كان صحيحا عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لبادروا بالقول به ، ولما عدلوا عنه .

قال العبدري في "التاج والإكليل" (6 / 430) – فقه مالكي - :

" والجمهور على أنه قد يوجد الخنثى بحيث يلتبس علينا مَيْزه ، فينظر إلى مباله : فإن بال من الذكر فهو ذكر ، وإن بال من الفرج فهو أنثى ، فإن بال منهما جميعا : نظر إلى أيهما أكثر فله الحكم ... ، وثم قول شاذ : أنه ينظر إلى أعداد أضلاعه " انتهى .

وقال الحطاب في "مواهب الجليل" (6/431-432) :

" ذَكَرَ الْعُقْبَانِيُّ قَوْلَ مَنْ يَعُدُّ الْأَضْلَاعَ , وَقَالَ : إنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : أَضْلَاعُ الرَّجُلِ سِتَّةَ عَشَرَ , وَأَضْلَاعُ الْمَرْأَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : أَضْلَاعُ الرَّجُلِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَأَضْلَاعُ الْمَرْأَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ . وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَضْلَاعَ الرَّجُلِ تُسَاوِي أَضْلَاعَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَاخْتَلَفُوا مِنْ أَيِّ جَانِبِ الزِّيَادَةِ . وَاَلَّذِينَ قَالُوا : إنَّ الْمَرْأَةَ تَزِيدُ بِضِلْعٍ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ ، ورواه ابن عباس : أن حواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم ، استلت منه ... وَفِي إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ بمثل هَذَا ضَعْفٌ ، وَالْعِيَانُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ , فَقَدْ أَطْبَقَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّشْرِيحِ عَلَى أَنَّهُمْ عَايَنُوا أَضْلَاعَ الصِّنْفَيْنِ مُتَسَاوِيَةَ الْعَدَدِ " انْتَهَى .

وقال النووي رحمه الله :

" وَأَمَّا عَدَدُ الْأَضْلَاعِ فَفِيهِ وَجْهَانِ ( أَحَدُهُمَا ) : يُعْتَبَرُ , فَإِنْ كَانَتْ أَضْلَاعُهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ نَاقِصَةً ضِلْعًا فَهُوَ رَجُلٌ ، وَإِنْ تَسَاوَتْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَامْرَأَةٌ ...

( وَالثَّانِي ) : لَا دَلَالَةَ فِيهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْأَكْثَرُونَ ، وَصَحَّحَهُ الْبَاقُونَ ; لِأَنَّ هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي كُتُبِ التَّشْرِيحِ . قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : هَذَا الَّذِي قِيلَ مِنْ تَفَاوُتِ الْأَضْلَاعِ لَسْتُ أَفْهَمُهُ ، وَلَا أَدْرِي فَرْقًا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ , قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي : لَا أَصْلَ لِذَلِكَ ; لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ الْمُبَالِ عَلَيْهِ " انتهى .

"المجموع" (2/54-55)

وراجع : "الإنصاف" (7/341) – "الحاوي" للماوردي (9/955) .

والخلاصة : أن هذا الخبر لا يصح عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، كما لا يصح الأخذ به ولا التعويل عليه .

وينظر التفصيل في "أحوال الخنثى" في جواب السؤال رقم (114670) .

وللاستزادة : يراجع جواب السؤال رقم : (138451) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب