الحمد لله.
أولاً :
الانتحار كبيرة من كبائر الذنوب ، توعد الله تعالى عليه بالعذاب العظيم ، ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا : عُذِّب به في الآخرة ، ولينظر جواب السؤال رقم (70363) .
وما يصيب المسلم من أمراض عضوية ، كالسرطان ، أو نفسية ، كالاكتئاب ، ولا يستطيع الصبر عليها : لا يبيح له أن يقتل نفسه ، ولينظر جواب السؤال رقم (111938) .
ثانياً :
قد يصاب المسلم بأمراض نفسية أو عضوية فتؤثر في عقله تأثيراً بالغاً حتى لا يدري ما يقول ولا ما يفعل ، فمثل هذا إن حصل منه قتل لنفسه : فلا يكون مع المذنبين الواقعين في كبيرة الانتحار ، بل يكون معذوراً ؛ وذلك لوجود مانع من موانع التكليف وهو "فَقْدُ العقل" .
وعليه : فإذا كان ما أصاب صديقة أسرتك من اضطراب نفسي قد أثَّر على عقلها فلم تعد تدري ما تقول أو تفعل : فيكون لها حكم من أصيب بالجنون ، وتكون معذورة غير آثمة في قتل نفسها ؛ لرفع قلم السيئات عنها وهي في تلك الحال ، وتدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم قال : (رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظْ ، وَعَنْ الصَّغِيرِ حتَّى يَكْبُر ، وَعَن المَجْنونِ حتَّى َيعْقِل - أَوْ يَفِيق) رواه أبو داود (4392) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (16/99) – في تعريف الجنون - :
"وأما في الاصطلاح : فقد عرفه الفقهاء والأصوليون بعبارات مختلفة منها :
أنه اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهجه إلا نادراً .
وقيل : الجنون اختلال القوة المميزة بين الأشياء الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب بأن لا تظهر آثارها , وأن تتعطل أفعالها .
وعرَّفه صاحب البحر الرائق بأنه : اختلال القوة التي بها إدراك الكليات" انتهى .
وأما إن كان ذلك الضغط النفسي على صديقة أسرتكم لم يكن له تأثير على عقلها ، وإنما هي مجرد ضيق نفسي ، وتدري معه ما تقول وما تفعل ، وتميز بين الحسن والقبيح ، وتفرق بين الخطأ والصواب : فلا تكون معذورة بقتل نفسها ، بل هي مؤاخذة على فعلها ، ونسأل الله أن يعفو عنها ، وأن يخفف عن أهلها مصيبتهم ويؤجرهم عليها .
والله أعلم
تعليق