الحمد لله.
لقد ضبط الإسلام تعامل الرجل مع المرأة الأجنبية عنه ، فأمر بغض البصر ، وحرّم الخلوة ، ومنع المصافحة ، وأوجب عليها ستر جميع بدنها ، ومنعها من الخضوع بالقول ، وهذا ما يكفل نقاء المجتمع ، وسلامة الأسرة ، وإغلاق أبواب الشر والفتنة ، وتجد النصوص الواردة في ذلك في جواب السؤال رقم : (107444 ).
ولا شك أن زوجتك قد تجاوزت هذه الحدود ، وارتكبت ما حرم الله بتقبيلها لابن عمها ، وبسهرها معه منفردين ، وترك الحجاب أمامه ، بل إن مجرد ترك غض البصر عن رجل من غير محارمها هو ـ في حد ذاته ـ معصية لأمر الله تعالى للمؤمنين والمؤمنات بغض البصر.
والتساهل في هذه الأمور بحجة أن ابن العم كالأخ خطأ شنيع ، وكم جرّ على أهله من البلايا ، فابن العم أجنبي عن المرأة كغيره من الأجانب ، بل الضرر منه قد يكون أشد من غيره ، للتساهل في التعامل معه ، وهكذا الأمر مع أقارب الزوج كأخيه وابن عمه ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخولَ عَلَى النِّسَاءِ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ: " الْحَمْوُ الْمَوْتُ ) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) . قال الليث بن سعد : الحمو : أخ الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ، ابن العم ونحوه .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْحَمو الْمَوْت ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ . وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ . فَأَمَّا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا , وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ , وَإِنَّمَا الْمُرَاد الْأَخ , وَابْن الْأَخ , وَالْعَمّ , وَابْنه , وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ . وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت , وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ " انتهى .
وينظر للفائدة : سؤال رقم : (13261) .
وإذا كانت المرأة لا تستر وجهها أمام أقاربها ، فلا أقل من الامتناع عن الخلوة والخضوع بالقول والمصافحة .
والواجب أن تبين لزوجتك حدود الحلال والحرام في هذه المسألة ، وأن تنصح لها ولابن عمها ، وأن تمنع هذا التساهل المذموم ، فإن الله تعالى سائلك عن رعيتك ، وأنت مأمور بحفظها ووقايتها من النار ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/6
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ : الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا ) رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) رواه البخاري (6731) ومسلم (142) .
والمرجو من زوجتك أن تستجيب لما يأمر به الشرع ، وأن تضبط تعاملها مع ابن عمها بما يرضي ربها تعالى ، ولا يثير حفيظة زوجها ، والمرأة العاقلة تترك المباح لرغبة زوجها ، فتركها للحرام أولى .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق