الحمد لله.
أولاً :
لقد كان من الواجب على أختك ، وعليك وعلى أسرتك ، أن تهتموا بما ألمت به أختك من ذنب ، فتأمروها بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل ، لتطهر نفسها من رجس المعاصي ، وقذارة الزنا الذي وقعت فيه مع هذا الشاب الفاجر ، أو مع غيره ، وتقطعوا عنها سبل هذه المعصية ، فلتبسوها الحجاب ، وتمنعوها من الخلوة بالرجال ، أو مخالطتهم ، وهكذا كل ما كان سبباً لهذه الرذيلة ، فاجتهدوا في إغلاقه عنها ، وإبعادها عنه بكل حيلة .
ثم بعد ذلك ، لكم أن تفكروا في شأن هذا الولد ، ومستقبل هذه الأخت ، وهذا كله من شؤم المعاصي ، وآثار الذنوب ، أن يحمل المذنب العاصي ، ذلك العبء ، ويتلطخ بالعار ، وهو في دار الدنيا ، فكيف بما عند الله من العقاب والنكال .
قال بعض الحكماء : " إن تعبتَ في البِرِّ : فإن التعب يزول ، والبر يبقى . وإن التذذت بالآثام : فإن اللذة تزول ، والآثام تبقى " !!
ثانياً :
ما تحاوله أختك من الحفاظ على جنينها هو الواجب عليها وعليكم جميعاً ، وليس لمجرد الأمل في أن يعود إليها ذلك الفاجر ، فلا يبدو أنه راغب في التوبة ، ولا ينوي النكاح الشرعي بها ، بعد ما قضى منها شهوته في الحرام ، وإنما يجب عليكم الحفاظ عليه لئلا تعالجوا جرماً بجرم آخر ، وتجنوا على نفس لا ذنب لها ، وإنما الذنب لمن وقعوا في الزنا أولاً ، ثم يريدون أن يجنوا على هذه النفس ، إما بقتلها وإزهاقها ، وإما بإهمالها وتركها في الطريق ، أو وضعها في الملاجئ ، كما يفعل من يفعل من الناس ، وهنا الله أعلم بما يكون من شأنها ، والغالب أن تربى في ملاجئ الكفار ، أو تتبناها أسرة كافرة ، يهودية أو نصرانية ، أو غير ذلك من الملل ، فتكون تبعا لهم في يهوديتهم ، أو نصرانيتهم ، أو ملتهم التي هم عليها ، وهذه أشنع جناية على هذه النفس ، وأقبح جرم في حقها ، وهو أشد وأفظع من قتلها ، والعياذ بالله .
وينظر : جواب السؤال رقم (13331) ورقم (117) .
وأما قولة هذا القائل : إنه على استعداد لأن يذهب إلى جهنم ، ولا يهمه ذلك ، فهي كلمة لا تخرج من قلب يؤمن بالله واليوم الآخر ، ويخاف مقام ربه ، والله حسيبه ؛ فلينظر العاقل وليعتبر ، كيف يكون تعظيم الدنيا وأهلها ، وكيف يتقحم الناس في جهنم ، وهم لا يبالون .
عافانا الله الكريم ، بمنه وفضله .
وينبغي في مثل هذا الظرف أن يستمر الوالدان في عطفهما ورعايتهما لأختك ، مع دعوتها للتوبة والاستقامة ، وأن يحولا دون خروجها أو هروبها من البيت ، حتى لا تعظم المصيبة ، ويزداد الشر.
نسأل الله أن يلطف بكم ، وأن يصلح حالكم.
والله أعلم .
تعليق