الحمد لله.
إذا كان هناك بيت أو محل وقد بدا لصاحبه أن يحوله إلى مسجد ، أو أراد بعضهم شراءه وتحويله إلى مسجد ، فلا بأس بذلك ، ويكون له أحكام المساجد ، والصلاة فيه تامة غير منقوصة ، ولا يشترط أن يكون قد بني من أول الأمر من أجل أن يكون مسجداً .
وقد حول المسلمون كثيراً من أماكن الشرك في البلاد التي فتحوها إلى مساجد ، ولم ينكر ذلك أحد .
وقد روي في السنة ما يدل لذلك .
روى أبو داود (450) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَضي اللهُ عنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَسْجِدَ الطَّائِفِ حَيْثُ كَانَ طَوَاغِيتُهُمْ .
قال الشوكاني رحمه الله : " رجال إسناده ثقات " انتهى . وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".
قال في "عون المعبود" :
" وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى جَوَاز جَعْل الْكَنَائِس وَالْبِيَع وَأَمْكِنَة الْأَصْنَام مَسَاجِد , وَكَذَلِكَ فَعَلَ كَثِير مِنْ الصَّحَابَة حِين فَتَحُوا الْبِلَاد جَعَلُوا مُتَعَبَّدَاتهمْ مُتَعَبَّدَات لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيَّرُوا مَحَارِيبهَا . وَإِنَّمَا صُنِعَ هَذَا لَانْتَهَاك الْكُفْر وَإِيذَاء الْكُفَّار حَيْثُ عَبَدُوا غَيْر اللَّه هُنَا . وَقَدْ عَمِلَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّة مَلِك الْهِنْد السُّلْطَان الْعَادِل عَالِم كَبِير رَحِمَهُ اللَّه حَيْثُ بَنَى عِدَّة مَسَاجِد فِي مَعْبَد الْكُفَّار خَذَلَهُمْ اللَّه تَعَالَى " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فأما أماكن الكفر والمعاصي التي لم يكن فيها عذاب إذا جعلت مكانا للإيمان والطاعة فهذا حسن ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهل الطائف أن يجعلوا المسجد مكان طواغيتهم ، وأمر أهل اليمامة أن يتخذوا المسجد مكان بيعة كانت عندهم" انتهى .
"اقتضاء الصراط" (ص 81-82)
وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن بِيعَةٍ بِقَرْيَةٍ، وَلَهَا وَقْفٌ ، وَانْقَرَضَ النَّصَارَى بِتِلْكَ الْقَرْيَةِ ، وَأَسْلَمَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذُ مَسْجِدًا ؟
فأجاب : "نَعَمْ ، إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا تِلْكَ أَحَدٌ جَازَ أَنْ يَتَّخِذَ مَسْجِدًا" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (31/256) .
فإذا جاز تحويل الكنائس والبيع إلى مساجد ، فتحويل البيت إلى مسجد أولى .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
هل يجوز بناء مسجد أو تحويل بناء إلى مسجد في منطقة أو مدينة يتوقع خلوها من المسلمين بعد حين ؟ حيث إنه في أمريكا يقيم الطلاب المسلمون مسجدا في منطقة معينة ، فإذا تخرجوا وعادوا إلى بلادهم يبقى المسجد مهجورا أو شبه مهجور ؟
فأجابوا : "يبنى أو يحول بناء إلى مسجد لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين الموجودين ، ولما في ذلك من إظهار شعائر الإسلام ، ولما يرجى بسبب ذلك من كثرة المسلمين ودخول بعض أهل البلد في الإسلام" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/234) .
وسئلوا أيضا :
تم شراء مبنى وحول إلى مسجد ثم ضاق بالمسلمين فتحولوا عنه ، أو خلا البلد من المسلمين فهل يجوز بيعه ؟ إذا جاز ذلك فبماذا تصرف الأموال المتحصلة من ذلك ؟
فأجابوا : "يجوز بيعه ويصرف ثمنه في تعمير مسجد أوسع منه ، فإن لم يكن هناك حاجة صرف الثمن في تعمير مسجد آخر ولو في مدينة أخرى محتاجة أو قرية أخرى محتاجة إلى ذلك" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/235) .
والله أعلم .
تعليق