الحمد لله.
الأصل منع الهدايا التي تعطى للموظفين والعمال لأجل وظائفهم وأعمالهم للحديث الذي ذكرته ، وهو ما رواه البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابن اللُّتْبِيَّة عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ : هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ، فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا ) .
والرغاء : صوت البعير ، والخُوار : صوت البقرة ، واليُعار : صوت الشاة .
والهدايا قد تكون مالا ، أو أمورا عينية ، أو دعوة إلى مأدبة أو غير ذلك ، وهذه الهدايا من شأنها أن تؤثر على الموظف ، وتدعوه لمحاباة المهدي ولو فيما يُستقبل من المعاملات ، ولا تخفى آثارها السيئة على الأفراد والمجتمعات .
لكن إذا أذنت الشركة أو صاحب العمل للموظف في قبول الهدية فلا حرج ، وتعد الهدية حينئذ هدية من الشركة لموظفها ، وهي القابلة لها .
سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله : " أعمل بمؤسسة للنقليات " مبرد " وأقوم بنقل الفواكة والخضروات من المدينة إلى جدة أو مكة أو الرياض وحال وصولي يقوم صاحب الخضار فيعطيني مبلغاً وقدرة 100 أو 200 ريال. تقديراً لإيصالي الخضار إليه في وقت سريع علماً أن صاحب المؤسسة له علم بذلك .
سؤالي هذه الريالات أو الإكرامية كما يقولون حلال أم حرام أفيدونا جزاكم الله خيراً ؟
فأجاب : نرى أنه لا بأس عليك في أخذ النقود التي دفعها لك صاحب الخضار وعلم بذلك صاحب المؤسسة وقصده بذلك تشجيعك على مواصلة السير والمحافظة على الخضار قبل فسادها . فحيث كنت مستحقا لها بتعبك وحفاظك على المال وحيث طابت بها نفس الدافع والمالك فلا مانع من أخذها ولو كانت زائدة على مرتبك الذي أنت تعمل به فالقصد بذلك تشجعيك على المواصلة وترغيبك فيما فيه مصلحتهم والله الموفق " انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/ 347).
وعليه فإذا جاءك شيء من هذه الدعوات ، فالأصل هو رفضها وعدم حضورها إلا بعد مراجعة الشركة وإذنها بذلك ، وينبغي أن يعلم صاحب الدعوة أن القرار هو بيد الشركة وأنها قد تأذن وقد تمنع .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق