السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

زوجته تغار من حديثه مع أمهات تلاميذه عبر الهاتف

152250

تاريخ النشر : 28-08-2010

المشاهدات : 20641

السؤال

زوجها يعمل محفظ قرآن حيث يذهب إلي منازل الطلبة ،أمهات هؤلاء التلاميذ يتصلن علي جوال المحفظ للسؤال عن مستوي أبنائهن أو للحجز مع الشيخ ، وهذا الأمر يضايق الزوجة كثيرا ، تحدثت معه مرارا في هذا الأمر ونصحته بأن يخبر الطلبة أن يتصلوا بأنفسهم ، أو يتصل آباؤهم به ، ولكنه قال لها : لن أجعل الناس يتصرفون كما تحبين ، وأنها إذا تحدثت في هذا الأمر ثانية سيترك لها المنزل فكيف تتصرف؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
يباح للرجل أن يتكلم مع المرأة إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، لأن صوتها ليس بعورة ، لكن يلزمها عدم الخضوع بالقول ؛ لقوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/32
وعليه فلا حرج على الزوج في رده على الاتصال الهاتفي الصادر من أمهات تلاميذه للسؤال عن مستواهم ، أو لترتيب أوقات دراستهم معه ، وينبغي أن يراعي في ذلك الإيجاز ، وعدم التبسط في الحديث ، وحمل المتحدثة على الكلام معه بوقار وحشمة .
والأمر كما ذكر الزوج هنا ، فلا يمكن إجبار الناس على فعل ما يريده الإنسان ، فكثير من الآباء يتركون أمر المتابعة لزوجاتهم ، وبعض الأمهات لا يحصل لهن الاطمئنان على أولادهم إلا بمتابعة أمورهم بأنفسهن ، فلا ينبغي للزوجة أن تأسى لذلك ، ولا أن تؤذي زوجها بالإنكار في أمر مباح يتعلق بعمله الذي ربما كان مصدر رزقه.
ثانيا :
غيرة المرأة على زوجها أمر محمود ، يدل على حبها له ، واهتمامها به ، لكن إن زادت هذه الغيرة أضرت بها وبزوجها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يحصل بيني وبين زوجي خصام في أكثر الأحيان وذلك بسبب غيرتي عليه ، فأنا أغار عليه وأراقب نظراته ، وإذا لمحت منه أي نظرة أو اشتبهت فيها غرت عليه ، وهو يحتج عليَّ دائماً بأن الغيرة المحبوبة إلى الله هي الغيرة في محارم الله ، وأما الغيرة التي تقع مني فهي تسبب الطلاق ، ولم أقتنع بكلامه لأنني أعتقد أن من حقي أن أغار عليه حتى ولو لم يقصد، علماً أنه ملتزم ولا أشك فيه، وجهني بما تراه وفقك الله ؟
فأجاب : " أوجه هذه السائلة أن تخفف من غيرتها ، وإلا فإن من طبيعة المرأة أن تغار على زوجها ، وهذا دليل على محبتها له ، ولكني أقول : الغيرة إذا زادت صارت غبرة وليست غيرة ، ثم تتعب المرأة تعباً شديداً ، لذلك أشير على هذه المرأة أن تخفف من غيرتها ، وأشير على الرجل أيضاً أن يحمد الله على أن هيأ له امرأة صالحة تحبه ، لأن هذا -أعني: التحاب بين الزوجين- مما يجعل الحياة بينهما سعيدة ، وإلا فإن الغيرة أمر فطري لا بد منه . أرسلت إحدى أمهات المؤمنين إلى النبي عليه الصلاة والسلام طعاماً في إناء ، وهو في بيت إحدى نسائه ، فلما دخل الخادم بالطعام والإناء فرحاً به يهديه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، لكن من امرأة أخرى ، هذه المرأة التي هو في بيتها غارت فضربت يد الخادم وسقط الإناء وتكسر وتبعثر الطعام ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوبخها ، بل قال: (غارت أمكم) أو كلمة نحوها ، أخذ الطعام والإناء وأخذ طعام المرأة التي هو في بيتها وإناءها وقال: (إناء بإناء، وطعام بطعام) وأرسله مع الخادم ، لأن الخادم إذا رجع وقال : إن المرأة هذه فعلت كذا وكذا سوف تتكدر المرسلة ، فإذا جاءها إناء ضرتها وطعام ضرتها سوف تبرد ، وهذا من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام. المهم أن الغيرة بين النساء أمر لا بد منه ، وأرى أن من نعمة الله على الزوج أن تكون المرأة تحبه إلى هذا الحد ، ولكني أقول للمرأة : خففي من الغيرة لئلا تشقي على نفسك وتتعبي ، وأقول للرجل : احمد ربك على هذه النعمة ،
ولا يزداد ذلك إلا رغبة في أهلك ومحبة لهم . أما مسألة الطلاق فلا تذكره أبداً عند المرأة ، الرجل إذا ذكر الطلاق عند المرأة صار هذا الشبح أمام عينها نائمة ويقظانة ، وهذا غلط ، ولهذا من السفه أن بعض الناس يذكر كلمة الطلاق لامرأته ، حتى ولو للتهديد . يا أخي : هددها بغير هذا ، تهددها بالطلاق فيبقى الشيطان دائماً يعمل في قلبها حتى تؤدي النهاية إلى الفراق والعياذ بالله " انتهى من "اللقاء الشهري" (31/13).
ثالثا :
إن وجدت الزوجة من زوجها تساهلا واستطرادا في حديثه مع النساء ، فينبغي أن تنصحه بالحكمة ، وترشده باللين ، وتبين له خطورة هذا عليه وعلى من تحدثه ، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وله خطوات ، ووسائل ، وأحابيل ، يصطاد به ، ومنها هذا التساهل الذي يؤدي للفتنة والإعجاب ، وعلى الرجل إذا شعر بشيء من ذلك أن يتقي الله تعالى ، ويمسك عن الحديث ، ويعلم أن الله مطلع عليه ، يعلم السر وأخفى ، وأن للمؤمنين حرمات يجب أن تحفظ وتصان ، وأنه ينبغي ألا يرضى للمؤمنين والمؤمنات بما لا يرضاه لنفسه ولزوجته وبناته ؛ بل ينبغي عليه أن يترك البيت المعين الذي يخشى على نفسه من الفتنة فيه ، ويدع تحفيظ أولادهم ، ويتعلل بأي عذر يصرفه عنهم ، ويصرفهم عنه .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب