الحمد لله.
أولاً:
ما يقوله الأخ السائل صحيح وواقع ، وللأسف ، وقبل تبيين خطأ ما يفعله أولئك - هداهم الله ينبغي التنبيه على أمرين :
1- الأصل الذي جاء به الشرع : مساواة الرجل والمرأة في الأحكام ، ولكن مع ذلك جاء الشرع بالتفريق بينهما في جملة من الأحكام يمتنع عقلاً وفطرة القول بالمساواة فيها ، وذلك لاختلاف طبيعة كلٍّ من الرجل والمرأة .
وعلى هذا ، فلا يصح القول بأن الشرع جاء بالمساواة بين الرجل والمرأة ... هكذا ، على سبيل الإطلاق .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : ( 1105 ) .
2- لا يجوز للمرأة أن تكون إمامة لرجل في الصلاة ، والمرأة نهيت عن التسبيح إن أخطأ الإمام ، وشرع لها التصفيق حتى لا تجهر بصوتها عند الرجال ، وشر صفوف النساء أولها ، وذلك لقربها من الرجال .
فكيف يجوز لها بعد ذلك أن تكون إمامة للرجال في الصلاة !
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 205 ) :
"يشترط لإمامة الرجال أن يكون الإمام ذكراً , فلا تصح إمامة المرأة للرجال , وهذا متفق عليه بين الفقهاء" انتهى .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : ( 39188 ) .
ثانياً :
أما النصيحة لأولئك الذين يلوون أعناق النصوص الشرعية في محاولة يائسة لإرضاء الغرب عنهم وأنهم يمثلون التسامح والوسطية فيقال لهم :
1- إنكم مهما تنازلتم عن دينكم فلن ترضى عنكم اليهود ولا النصارى حتى تتبعوا ملتهم ، قال تعالى : ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) البقرة/ 120 .
فهم لن يرضوا منكم إلا إذا تركتم دينكم بالكلية وكنتم تابعين لهم .
2- والواقع يشهد لهذا ، فهناك أمثلة كثيرة لهؤلاء المتساهلين وفتاواهم ، ومع ذلك لم يرض الغرب عنهم ، ولا يزال يعتبرهم متشددين إرهابيين ، لأنه يطلب منهم المزيد من التنازل عن أحكام الإسلام .
3- الواجب على المسلم أن يسعى لإرضاء الله تعالى ، ولا يعنيه أرضي الناس عنه أم سخطوا ؟
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَن التَمَسَ رِضَا الله بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ ، وَمَنْ التَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ الله سَخِطَ الله عَلَيْهِ وَأَسْخََطَ عَلَيْهِ النَّاسَ) رواه ابن حبان في صحيحه (1/501) ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 2311 ) .
4- هذه السلسلة من التنازلات لن تقف عند شيء ، وليس لها نهاية ، حتى رأينا من يمتنع عن تكفير اليهود والنصارى ، بل ويحكم عليهم بأنهم "مؤمنون" ! مما يعني إبطال رسالة الإسلام ، وهو لا يشعر .
ولينظر هؤلاء في نتائج تمييعهم لأحكام الشرع للتقرب بذلك للغرب ، هل انتفع به كافر فأسلم ؟! وهل ترك مشرك شركَه فوحَّد ربَّه تعالى ؟!
فهل أسلم هؤلاء الغربيون ، أو على الأقل : هل كفوا عن العداوة البالغة للإسلام والمسلمين؟
والخلاصة في هذا :
على المسلم أن يتمسك بدينه وشريعته ، وأن يفاخر الدنيا كلها بنظمها ومناهجها وقوانينها وأن يعتقد أنه لا يَصلح للكون إلا الإسلام ، وأن ما عداه من الأديان والمناهج فمحرف وباطل .
ولا ينبغي لمؤمن عاقل أن يجعل غايته إرضاء الغرب ، وإنما يجب أن تكون غايته إرضاء الله تعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فالمؤمن لا تكون فكرته وقصده إلا رضا ربه واجتناب سخطه ، والعاقبة له ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 3 / 233 ) .
والله أعلم
تعليق