الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

أحاديث في فضائل أهل عُمان

153294

تاريخ النشر : 27-09-2010

المشاهدات : 208684

السؤال

ما صحة حديث أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يدعو لأهل عُمان بالخير قائلاً : ( رحم الله أهل الغبيراء - أي : أهل عُمان - آمنوا بي ولم يروني ) وما صحة هذه القصة : قال مازن بن غضوبة للنبي عليه الصلاة والسلام : ( ادع لله لأهل عمان ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم اهدهم وثبتهم ) فقال مازن : زدني ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم ارزقهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم ) فقال مازن : يا رسول الله ! إن البحر ينضح بجانبنا ، فادعو الله في ميرتنا وخفنا وظلفنا . فقال عليه الصلاة والسلام : ( اللهم وسع عليهم في ميرتهم ، وأكثر خيرهم من بحرهم ) فقال مازن : زدني ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم لا تسلط عليهم عدواً من غيرهم ) وقال لمازن : ( قل يا مازن آمين ، فإنه يستجيب عندها الدعاء ) فقال مازن : آمين . وهل هناك أحاديث صحيحة في فضل عمان ؟

الجواب

الحمد لله.


يمكن تقسيم الأحاديث الواردة في فضائل أهل عمان إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أحاديث صحيحة .
وهو حديث واحد ، يرويه الصحابي الجليل أبو برزة رضي الله عنه فيقول :
( بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ، فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ ) رواه مسلم (رقم/2544)
يقول القرطبي رحمه الله :
" يعني : أن أهل عمان قوم فيهم علم ، وعفاف ، وتثبت ، والأشبه : أنهم أهل عُمان التي قِبَلَ [أي : ناحية] اليمن ؛ لأنهم ألين قلوباً ، وأرق أفئدة ، مِن : عَمَّنَ بالمكان : أقام به " انتهى باختصار من " المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم " (6/501)

القسم الثاني : أحاديث ضعيفة ضعفا يسيرا.
من أشهرها حديث الحسن بن هادية قال :
( لَقِيت ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ لِي : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مِنْ أَهْلِ عُمَانَ . قَالَ : مِنْ أَهْلِ عُمَانَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : أَفَلَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْتُ : بَلَى .
فَقَالَ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا عُمَانُ ، يَنْضَحُ بِجَانِبِهَا الْبَحْرُ ، الْحَجَّةُ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ حَجَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا )
رواه أحمد في " المسند " (8/461-462) وغيره ، من طريق جرير بن حازم ، عن الزبير بن الخريت ، عن الحسن بن هادية به .
وهذا إسناد ضعيف بسبب الحسن بن هادية ، فقد ترجمه البخاري في " التاريخ الكبير " (2/307)، وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/40)، ولم يذكر أحد فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وإنما ذكره ابن حبان في " الثقات " (4/123) ذكراً مجرداً على قاعدته في ذكر المجاهيل .
خاصة وأن الحديث قد روي أيضاً موقوفاً من كلام ابن عمر ، كما ذكر ذلك البخاري رحمه الله في " التاريخ الكبير " (2/307)
ولذلك ضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/213)، وضعفه محققو مسند أحمد في طبعة مؤسسة الرسالة .
تنبيه : وقع في " لسان الميزان " للحافظ ابن حجر (2/258) قوله : " الحسن بن هادية عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال ابن أبي حاتم عن أبيه : لا أعرفه " انتهى.
ولم نقف على أصل النقل عن أبي حاتم في قوله : لا أعرفه ، ونخشى أن يكون الأمر محل بحث ونظر ، فالذي قال فيه أبو حاتم في " الجرح والتعديل " : لا أعرفه ، هو الحسن بن همام ، صاحب الترجمة التي تلي ترجمة : الحسن بن هادية . والله أعلم.

ومع ذلك فليس في الحديث فضيلة خاصة لأهل عمان ، لأن سبب تفضيل الحج منها لا يعود إلى فضيلة المكان ، وإنما لبعده عن مكة ، وقد يكون أبعد أقطار الإسلام في وقت التحديث بالحديث .
يقول السندي رحمه الله :" يحتمل أن يكون ذلك لأنها أبعد البلاد الإسلامية يومئذ ، والأجر بقدر المشقة ، وعلى هذا فمن كان أبعد داراً منهم فهو أكثر أجرًا " انتهى.

القسم الثالث : أحاديث موضوعة أو لا أصل لها .
مثالها الحديثان المذكوران في السؤال ، فقد بحثنا عنهما في كتب السنة فلم نجد لهما ذكراً ، ولم نقف لهما على أثر ، وإنما تتناقلها بعض كتب الإباضية في عمان ، واشتهرت في منتدياتهم وأحاديثهم ، ولكن من غير عزو إلى مصادر معتمدة .

وللتوسع في تخريج أحاديث فضائل أهل عمان يرجى مراجعة البحث المختصر المنشور على موقع " صيد الفوائد "، بعنوان : " إتحاف الأعيان بذكر ما جاء في فضائل أهل عمان " تأليف: أحمد بن محمد بن خليل . وذلك على الرابط الآتي :
http://saaid.net/book/open.php?cat=7&book=3275
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب