الحمد لله.
أولاً:
لا يشك مطلع أنه قد تكاثرت شبه المفسدين والملحدين والمضلين على الإسلام ، فقد غدا لهم قنوات فضائية يبثون من خلالها سمومهم ، وأنشئوا مواقع إلكترونية ينشرون فيها مطاعنهم ، وهذه أشهر وأقوى طرقهم في الطعن في الإسلام وإلقاء الشبهات حوله ، ومثل هذا الانتشار لتلك الشبهات والمطاعن يوجب على القادرين الرد على عليها وإظهار كذبهم وتحريفهم ، مع بيان مفاسد اعتقادهم واتباعهم لأهوائهم ، ولولا هذا الانتشار لشبه أولئك المفسدين لما رغبنا بنشر الرد عليها وبيان تهافت تلك الشبه مقابل حقائق الشرع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في بيان رده على بعض الملاحدة - :
ولولا أن أصحاب هذا القول كثروا وظهروا وانتشروا وهم عند كثير من الناس سادات الأنام ومشايخ الإسلام وأهل التوحيد والتحقيق وأفضل أهل الطريق حتى فضلوهم على الأنبياء والمرسلين وأكابر مشايخ الدين : لم يكن بنا حاجة إلى بيان فساد هذه الأقوال وإيضاح هذا الضلال .
" مجموع الفتاوى " ( 2 / 357 )
ثانياً:
لذا فإننا لا نرى مانعاً من وجود قسم خاص في منتدى عام يُعنى بالرد على أهل الأهواء
والملاحدة والزنادقة ، ولا نرى حصر ذلك بالرد على النصارى وحدهم ؛ لما في التركيز
على طائفة واحدة من احتمال غرس بعض الشبه في قلب من قد يقرأ شيئاً من كلامهم ، وأما
مع تنوع الردود واختلاف الاتجاهات فإن هذا المحذور يزول بإذن الله .
على أننا نرى أن يتصف الراد على هذه الفرق والطوائف
والأديان بصفتين مهمتين :
الأولى : قوة العلم .
وبهذا أوصى العلماء ، وبيَّنوا أن ضعيف العلم لا يُحسن فهم دينه فأولى أن لا يقوى
على الرد على غيره من أهل البدع والضلال والأهواء .
قال الشاطبي – رحمه الله - :
عن ابن فروخ أنه كتب إلى مالك بن أنس : إن بلدنا كثير البدع وإنه ألَّف كلاماً في
الرد عليهم فكتب إليه مالك يقول له : إن ظننتَ ذلك بنفسك خفتُ أن تزلَّ فتهلك ، لا
يردُّ عليهم إلا من كان ضابطاً عارفاً بما يقول لهم لا يقدرون أن يعرجوا عليه ،
فهذا لا بأس به ، وأما غير ذلك : فإني أخاف أن يكلمهم فيخطئ فيمضوا على خطئه ، أو
يظفروا منه بشيء فيطغوا ويزدادوا تمادياً على ذلك .
" الاعتصام " ( 1 / 12 ) .
الثانية : الذكاء وقوة الحجة والبيان .
وليس كل من كان قوي العلم ، كان قادرا على دحض حجة زنديق أو ملحد أو مبتدع ، ولذا
لم يتصد لأولئك إلا الأذكياء من أهل العلم ، ومن لم يكن ذكيّاً قوي الحجة فإنه قد
يفسد ولا يُصلح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
ليس كل من عرف الحقَّ - إما بضرورةٍ أو بنظر - أمكنه أن يحتج على من ينازعه بحجة
تهديه أو تقطعه ؛ فإن ما به يعرف الإنسان الحق نوع ، وما به يعرِّفه به غيرَه نوع ،
وليس كل ما عرَفه الإنسان أمكنه تعريف غيره به ، فلهذا كان النظر أوسع من المناظرة
، فكل ما يمكن المناظرة به يمكن النظر فيه ، وليس كل ما يمكن النظر فيه يمكن مناظرة
كل أحد به .
" درء تعارض العقل والنقل " ( 3 / 374 ) .
وإذا لم تجدوا أحداً يتصدى لهذه المهمة الجليلة فإننا ننصحكم بحسن اختيار هذه
المواضيع من مواقع لأهل السنَّة عرفوا بالعلم وقوة الحجة ، ثم تضعون هذه المواضيع
في منتداكم ، وهذا – لا شك – خير من فتح الباب لكل كاتب متحمس للإسلام ليقوم هو
بالرد على مبتدع أو ضال ؛ فإن عاطفته تلك لا يكون معها إلا الضرر .
وانظر – للفائدة – جواب السؤال رقم (
143146 ) .
ونرى أن تُمنع المشاركة في الكتابة إلا لمن هو معروف بالعلم في منتداكم ، ولا نرى
مانعاً من فتح الباب للاطلاع على ذلك القسم من القرَّاء المسلمين ، ونوصيكم بعدم
فتح الباب لمشاركة أعضاء المنتدى من تلك الطوائف والأديان في الكتابة والمناقشة
والرد ؛ فيكفينا ما ينشره أئمتهم في هذا ، كما أنه من شأن مشاركتهم أن تعطيهم نوع
عزَّة لا يستحقونها .
وانظر جواب السؤال رقم ( 104398 )
ففيه بيان مسئولية أصحاب المواقع والمشرفين عن وجود المنكرات في تلك المواقع .
ونسأل الله أن يوفقكم لما فيه نصرة الإسلام ، وأن يكتب لكم الأجور الجزيلة عليه .
والله أعلم
تعليق