الحمد لله.
أولا :
الفوائد الربوية محرمة ، ومن كبائر الذنوب ، فلا يجوز التعامل بها وإن كان المتعامل عازما على عدم الانتفاع بها لنفسه ، بل سينفقها في أوجه البر .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل يجوز لي إدخال فلوس في البنك لآخذ عليها مرابحة ، علما أن قصدي من الأرباح هو توزيعها في طرق الخير ولكي لا تتعطل هذه الفلوس ؟
فأجاب : " لا يجوز ذلك ؛ لأن ذلك هو عين الربا الذي نص أهل العلم على منعه ، ودلت النصوص من السنة على تحريمه ، وهو ما يسمى بقرض جر منفعة ، والمراد المنفعة المشروطة أو المتواطأ عليها ولو حسن قصد من فعل ذلك ؛ لأن الربا حرمه الله لما فيه من المفاسد والأضرار على المجتمع عامة ، والفقراء خاصة ، وفي إمكان المسلم أن يدفع المال إلى البنك أو غيره لقصد الاستثمار على طريقة إسلامية كالمضاربة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19 /134) .
ثانيا :
من وقع في هذه المعاملة الربوية المحرمة ، ثم أراد أن يتوب من ذلك ، فعليه أن يتخلص
من هذه الفوائد المحرمة ، فينفقها على الفقراء والمساكين أو المشاريع الخيرية التي
تقام للمصالح العامة كالمستشفيات والمدارس ودور اليتامى ونحو ذلك .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" يجب التخلص من الفوائد البنكية ؛ لأنها من الربا المحرم ، فتصرف في الجهات العامة
للمسلمين ، مثل دفعها للفقراء والمساكين تخلصا منها " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (16 /532) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا دعت الضرورة إلى الحفظ عن طريق البنوك الربوية فلا حرج في ذلك إن شاء الله ؛
لقوله سبحانه : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا
اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) ولا شك أن التحويل عن طريقها من الضرورات العامة في هذا
العصر ، وهكذا الإيداع فيها للضرورة بدون اشتراط الفائدة ، فإن دفعت إليه الفائدة
من دون شرط ولا اتفاق , فلا بأس بأخذها لصرفها في المشاريع الخيرية كمساعدة الفقراء
والغرماء ونحو ذلك لا ليمتلكها أو ينتفع بها " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19 /194-195) .
وعلى هذا ، فإن اضطر المسلم لأخذ الفائدة الربوية أو كان قد تاب منها ، فعليه إنفاق
هذه الأموال في أوجه البر ، فإن أراد إنفاقها على الحيوانات الأليفة وغيرها : فإن
كان إنفاقها عليها من باب البر والرحمة بها لحاجتها إلى الطعام جاز ؛ لأن ذلك داخل
في عموم البر ، وقد روى البخاري (2363) ومسلم (2244) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ : قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ
أَجْرًا ؟ فقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ
أَجْرٌ) .
قال النووي رحمه الله :
" فِي الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى الْإِحْسَان إِلَى الْحَيَوَان الْمُحْتَرَم ,
وَهُوَ مَا لَا يُؤْمَر بِقَتْلِهِ ، فَيَحْصُل الثَّوَاب بِسَقْيِهِ وَالْإِحْسَان
إِلَيْهِ أَيْضًا بِإِطْعَامِهِ وَغَيْره سَوَاء كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا ,
وَسَوَاء كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ " انتهى .
وإن كان إنفاقه عليها من باب الترف والعناية الزائدة بالحيوانات الأليفة كعادة
الغرب ومن تشبه بهم من المسلمين لم يجز ؛ لأن ذلك من السفه والإسراف وتضييع الأموال
.
والأولى إنفاق هذا المال في مصالح المسلمين العامة والخاصة ، وخاصة أن هناك كثيرا
من المسلمين المحتاجين الذين لا يجدون ما ينفق عليهم .
والله أعلم .
تعليق