الحمد لله.
أولا :
نسأل الله أن يجبر مصابك في دينك أولا ، فهذا هو المصاب حقا يا أمة الله ، كم فتحت على نفسك أبوابا من الفتن والبلايا ، كنت في غنى عنها .
لكن - يا أمة الله - اعلمي أنه من تاب إلى الله توبة نصوحا ، فأقلع عن ذنبه ، وندم عليه ، ووطن نفسه على ألا يعود إليه ، وأخذ بأسباب ذلك ؛ تاب الله عليه . قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم/8 .
ولا يظهر لنا أن هناك فائدة من النظر في قصتك مع زوجك الأول ، فقد تقطعت الحبال بينكما، ولا نظن أنه من المجدي أن يسعى أحد للإصلاح بينكما ، حتى لو قبلت العودة إلى العيش في المغرب ، فقدر الله وما شاء فعل ، وربما لم يكن هو جادا في استمرار الزواج بينكما من أول أمره ، وأخفى ذلك عنك .
وأما مشكلتك الأخيرة ، فالذي نراه أن أهله يمكنهم أن يقوموا بدور الإصلاح بينكما ، إذا كانوا قد أحبوك ، وأحببتِهم كما تقولين ، وقد بقي أمامكم فرصة أخيرة ، بعدما أوقع عليك الطلاق مرتين : إحداهما في الهاتف ، والأخرى أمامك بعد تأخره عند صديقه ، لأن الطلاق الثلاث يقع فهي طلقة واحدة ـ على القول الراجح ، فبمقدوره أن يردك إليه هذه المرة الأخيرة .
وإن كان هذا الطلاق الأخير وقع في عدة الطلاق الأول ( كلام الهاتف ) قبل أن يراجعك فإنه لا يقع ، لأن الطلاق في العدة لا يقع على الراجح أيضاً ، فيكون الطلاق الذي وقع عليك طلقة واحدة فقط .
لكن المشكلة في أنه إذا كان قد تأثر بما سمع من هذا الفاجر الذي فضحك عنده ، ربما لم يعد في مقدوره أن يعاشرك عشرة بالمعروف ، ينسى معها ما كان من ماضيك ، وليس كل أحد يقدر على تجاوز ذلك الأمر ، حتى ولو كان رأى منك التوبة والاستقامة ، والشرف العالي ، كما وصفك هو .
فإن عدمت من يصلح بينكما ، من غير أن يفتضح أمرك : فليس أمامك إلا الصبر على ما نزل بك من بلاء ، ولعل الله أن يكفر به ما كان من خطيئتك .
ثانيا :
ليس من شرط صحة الطلاق أن يكون أمام شيخ ، أو مأذون ، أو في محكمة ، فمتى أوقعه هو ، بشروطه الشرعية : وقع طلاقه عليك . لكن الواجب هو توثيق ما وقع بينكما من طلاق ، حتى ولو كان ذلك التوثيق في محكمة غربية ، لضمان ثبوت الحقوق لأهلها .
لكن ما قاله لك من أنك لا تستحقين شيئا هو ظلم وعدوان منه عليك ، وافتراء على الشريعة بالهوى والتشهي ؛ بل لك حقوقك عليه كاملة ، وعليك واجباتك أيضا كاملة ؛ وزناك لا ينقص من حقك شيئا ، فهذا قد وقع وأنت لست في عصمته ، ثم إنك قد تبت منه .
بل لو كان الزنا وأنت في عصمته ، وهو زوجك ، وطلقك: وجب عليه أن يعطيك حقوقك كاملة ، لكن إن لم يطلقك ، فله الحق أن يضيق عليك حتى تفدي نفسك منه ، وتتنازلي عن حقوقك . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19 .
ثالثا :
لا نجد أمامنا إلا أن نواسيك في مصابك ، ونصبرك عليه ، ونذكرك بالإكثار من الأعمال الصالحات ، وأن تحسني الظن بالله جل جلاله ، فمن يدري لعل الله أن يجعل لك فرجا ومخرجا ، وأن يصلحه لك مرة أخرى ، أو يبدلك خيرا منه .
لكن إن أمكنك أن تنتقلي أنت وأهلك إلى بلدة أخرى ، بعيدا عن هذا الرجل الذي فضحك ، فلعل ذلك أن يكون فيه خير لك ، وتبدأي صفحة جديدة هناك ، ولو أمكن أن يكون ذلك إلى بلد من بلاد المسلمين ، فهو أولى وأفضل .
والله أعلم .
تعليق