الحمد لله.
أولاً :
لا يجوز للمسلم أن يأخذ بما يشاء من أقوال ـ وإن كان قد قال بها بعض العلماء ـ فإنه بذلك يكون متبعاً لهواه ، وليس متبعاً لشرع الله .
وإنما الواجب عليه - إن كان عنده القدرة - أن يأخذ بالقول الراجح الذي تؤيده الأدلة الشرعية ، فإن كان لا يستطيع الترجيح بين الأقوال سأل من يثق في علمه ودينه ويعمل بما يفتيه به .
ثانياً :
يشترط لصحة النكاح وجود ولي للمرأة ، ولا يجوز أن تتولى المرأة عقد النكاح لنفسها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085) وصححه الألباني في إرواء الغليل (1839) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ) رواه أحمد ( 24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
ولا فرق في ذلك بين البكر والثيب .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" من شرط صحة النكاح : صدوره عن ولي ، سواء كانت المرأة بكراً أو ثيباً ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (21 /39) .
فإذا لم يرض والدها بهذا الزواج بسبب أنه لا يريد تزويجها من مسلم ، انتقلت الولاية إلى من يليه من أوليائها كأخيها ثم عمها ، فإن امتنعوا جميعاً ، زوّجها رئيس المركز الإسلامي في مدينتها ، فإن لم يوجد فإمام الجامع .
كما ذهب جمهور العلماء إلى أن النكاح لا يصح إلا بحضور شاهدين عقد النكاح ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) رواه البيهقي (14086) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (13515) .
وبعض العلماء يشترط الإعلان لصحة النكاح ، ويجب عند هؤلاء العلماء أن يكون الإعلان قبل الدخول ، وإعلام رجلين لا يكون إعلاناً.
وعلى هذا ، فالنكاح الذي عقدته غير صحيح ، ويجب عليك أن لا تقربها إلا بعد تجديد العقد وتصحيحه وفق شروطه الشرعية .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن مسلم تزوج بنصرانية بدون إذن وليها .
فأجابوا :
" عقد النكاح لا يصح إلا بولي وشاهدي عدل ، ولا يجوز للمرأة أن تعقد لنفسها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها) وعلى هذا فالعقد المذكور في السؤال لا يصح ، ولا بد من تجديده بولي للمرأة .
والكتابية يزوجها والدها ، فإن لم يوجد أو وجد وامتنع ، يزوجها أقرب عصبتها ، فإن لم يوجدوا أو وجدوا وامتنعوا ، يزوجها القاضي المسلم إن وجد ، فإن لم يوجد زوجها أمير المركز الإسلامي في منطقتها ؛ لأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة دلت على ذلك" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18 /180-181) .
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عن رجل تزوج بفتاة استرالية نصرانية في لندن ، وتولت الزوجة العقد بنفسها بدون ولي ، ولم يشر فيه إلى مقدار المهر ولم يحضره من الشهود سوى رجل مسلم وامرأة نصرانية وهي أم الزوجة ، ويوجد في مجلس العقد بعض فتيات نصرانيات وصديقات للزوجة مع مسجل العقود النصراني . وبعد أربع سنين أسلمت الزوجة ورزقت منه بطفلين ، وتسأل عن صحة عقد نكاحها ، وإذا لم يكن صحيحاً فكيف الطريق إلى تصحيحه ؟
فأجاب : " أما العقد الذي وصفتم فإنه غير صحيح لعدم وجود الولي ولعدم وجود الشاهدين ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) . وأما عدم تسمية الصداق في العقد فلا يخل .
والطريق إلى تصحيحه أن يحضر وليها لدى مأذون العقود ويعقد نكاحها لزوجها المذكور بعد رضاها وإذنها ، ويحضره شاهدا عدل . فإن لم يكن لها ولي فوليها الحاكم الشرعي فتأذن له بعقد نكاحها ، ولا شيء عليهما فيما مضى ، وأولادهما شرعيان ونسبهم من أبيهم صحيح إذا كانا يعتقدان صحة النكاح ؛ لأن هذا من وطء الشبهة " انتهى .
"فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم" (10 /68) .
والله أعلم .
تعليق