الحمد لله.
الاقتراض بالربا محرم تحريما شديدا ، وقد جاء في الربا من الوعيد ما لم يأت في غيره من الذنوب ، ومن ذلك لعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه ، والإخبار بأن فاعله مؤذَن بحرب من الله ورسوله ، والواجب على من وقع في شيء من ذلك أن يتوب إلى الله توبة نصوحا ، بالاعتراف بالذنب ، والندم عليه ، والعزم على أن لا يعود لمثله ، ولا يلزمه غير سداد رأس المال ، كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278، 279
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/ 716) : " ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ) أي: خافوه وراقبوه فيما تفعلون ( وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ) أي: اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال، بعد هذا الإنذار ( إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) أي: بما شرع الله لكم من تحليل البيع، وتحريم الربا وغير ذلك.
وقد ذكر زيد بن أسلم، وابن جُرَيج ، ومقاتل بن حيان، والسدي: أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير من ثقيف، وبني المغيرة من بني مخزوم، كان بينهم ربا في الجاهلية، فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه، طلبت ثقيف أن تأخذه منهم، فتشاوروا ، وقالت بنو المغيرة: لا نؤدي الربا في الإسلام فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) فقالوا: نتوب إلى الله، ونذر ما بقي من الربا، فتركوه كلهم ...
ثم قال تعالى: ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ ) أي: بأخذ الزيادة ( وَلا تُظْلَمُونَ ) أي: بوضع رؤوس الأموال أيضا، بل لكم ما بذلتم من غير زيادة عليه ولا نقص منه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن الحسين بن إشكاب، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن شبيب بن غرقدة البارقي، عن سليمان بن الأحوص عن أبيه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: ( ألا إن كل ربا كان في الجاهلية موضوع عنكم كله، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، وأول ربا موضوع ربا العباس بن عبد المطلب، موضوع كله)" انتهى .
والحديث رواه أبو داود (3336) والترمذي (3087) وابن ماجه (3055) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وهذا يدل على أن أخذ المقرض للزيادة ظلم محرم ، وأن المقترض لا يلزمه إلا رأس المال .
ويدل على خطأ ما ذكرت من أن الصحابة كان عليهم أن يسددوا الفائدة الربوية وأن هذا من باب أداء الأمانة وأن الله أقرهم على ذلك .
والحاصل أنه يلزمكم التوبة إلى الله تعالى من التعامل بالربا ، ولا يلزمكم إلا سداد رأس المال ، وأما الفائدة فإن استطعتم أن تتخلصوا من دفعها بأي وسيلة لا تعود عليكم بالضرر فافعلوا .
ثانيا :
شراء البيت عن طريق البنك الإسلامي يشترط فيه : أن يشتري البنك البيت أولا ، ثم يبيعه على العميل . ولا يجوز أن يوقع العميل على عقد الشراء من البنك قبل أن يتملك البنك البيت ، وينظر : سؤال رقم (140603)ورقم (110006) .
والله أعلم .
تعليق