الحمد لله.
التعامل في البورصات العالمية بنظام " المارجن " لا يخلو في عامة صوره من عقود محرمة شرعاً ، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي بتحريمه ، وقد سبق ذكر نص القرار في جواب السؤال (106094) .
ونشير هنا إلى أهم المخالفات الشرعية التي تقع في هذا التعامل :
1- عدم تحقيق التقابض الواجب شرعاً في مبادلة العملات ، فليس ثمة تسلُّمٌ ولا تسليم.
وينظر جواب السؤال (110938) .
2- اشتماله على الربا : وذلك لأن المبلغ الذي يقوم السمسار الوسيط بدفعه تتمةً لثمن الصفقة هو في حقيقته قرض ، ولا يجوز للمُقرض أن ينتفع من وراء قرضه بعائد مالي .
وحقيقة الحال أن السمسار أو الوسيط قد جر لنفسه من وراء هذا القرض نفعاً كثيراً : فجميع المعاملات لا بد أن تتم عن طريقه ، مع أخذه عمولة محددة على كل معاملة ، فضلاً عن استفادته من فروق الأسعار في بيع العملة على العميل بسعر ، وشرائها منه بسعر أقل .
وقبل كل ذلك : الجمع بين القرض والبيع في هذه المعاملة مع الوسيط ، وهذا منهي عنه شرعاً ، وللاستزادة ينظر جواب السؤال (106378).
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: " اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه ، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة ( السمسرة ) ، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع ، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل سلف وبيع ...) .. وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه ، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم ". انتهى.
3- الالتزام بعقد يشتمل على شرط محرم ، فالممول سواء أكان السمسار أم غيره ، يشترط على العميل دفع رسوم معينة في حال عدم إغلاق الصفقة وبقاء النقود التي أقرضه إياها لأكثر من ليلة وهو ما يسمى بـ " رسوم التبييت" ، وهذا من الربا .
والتزامك برد القرض وإغلاق الصفقة دون تبييت ، لا يعفيك من الإثم ؛ لأن مجرد الدخول بعقد فيه شرط فاسد لا يجوز ؛ لأنه ذريعة إلى الوقوع في الحرام .
وينظر جواب السؤال رقم (136378) .
وبما سبق يعلم أن المشكلة ليست في عدم امتلاكك لجميع مبلغ الصفقة أو دفعك بعض المبلغ أو كله ، وإنما في : العمولة التي يأخذها السمسار المقرض لك ، مع دخولك في عقد فاسد ، وهو دفع رسوم التبييت في حال عدك قدرتك على إغلاق الصفقة في الوقت المحدد.
فضلا عن بعض المفاسد الأخرى ، وللاستزادة ينظر جواب السؤال (93334) ، (106094) .
ولكن : لو توفر في هذا المعاملة القبض من الجانبين ، وتم إلغاء رسوم التبييت ، وكان دور السمسار أو الوسيط مقتصراً على توفير الدخول في السوق مع بيان الأسعار والتحليلات المالية مقابل عمولة محددة دون أن تقترض منه شيئاً ، ففي هذه الحال تكون المعاملة سليمة ولا حرج فيها ، سواء دفعت كامل ثمن الصفقة منك ، أو دفعت بعضها واقترضت الباقي من طرف ثالث لا علاقة له بالسمسار أو الوسيط الذي تتعامل معه .
والله أعلم
تعليق